پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج18-ص205

قال الماوردي : وصورتها أن يدعي هذا المكاتب بين شريكين أنه دفع جميع مال الكتابة إلى أحدهما ليأخذ منه النصف الذي يستحقه ويدفع إلى شريكه النصف الذي يستحقه ، فللمدعى عليه في تصديقه حالتان :

إحداهما : أن يقول دفعت ذلك إلينا جميعا ، فعتقت حصتي بقبضي ، وعتقت حصة شريكي باقباضك له ، وينكر الشريك الآخر أن يكون قد قبض شيئا ، فتعتق حصة المصدق بهذا الإقرار ، ويكون القول قول المنكر انه ما قبض حقه ، ولا يمين عليه ، لأنه لم يدع واحد منهما عليه انه أقبضه ، لأن المكاتب يقول : دفعتها إلى المقر ليدفعها إليه ، والمقر يقول : إنما دفعها المكاتب إليه ولم يدع واحد منهما تسليمها إليه ، فلذلك سقطت اليمين عنه ، وهو بعد إنكاره مخير بين أن يرجع على المكاتب بجميع حقه ، وبين أن يرجع على المقر بنصفه ، وعلى المكاتب بنصفه ، ولا يرجع المقر على المكاتب بما أخذه المنكر منه ، على ما ذكرنا فإن استوفى المنكر حقه منها أو من المكاتب فقد عتقت حصته وصار جميعه حراً ، وإن لم يستوفه كان له تعجيز المكاتب في حصته واسترقاقها ، فأدى له مسترقها قومت على المقر ، وسرى العتق إلى جميع المكاتب ، فعتق كله ، نص عليه الشافعي بخلاف المسألة المتقدمة ، لأن المكاتب يقول قد عتقت بالأداء ، وإنما أنت أيها المقر ظلمتني بتأخير الأداء وإبطال العتق ، وفي هذا التعليل أيضا دخل وليس بين المسألتين عندي فرق يصح ، والله أعلم .

فصل

والحالة الثانية من حال المصدق أن يقول : قبضت جميع مال الكتابة ودفعت إلى شريكي منه قدر حقه ، وهو النصف ، وينكر الشريك قبض شيء منه ، فالقول قول المنكر مع يمينه ، لأن المقر يدعي عليه تسليم حقه إليه ، فلذلك استحق عليه اليمين ، فإذا حلف فحصة المقر قد عتقت ، وحصة المنكر على كتابتها وله الخيار في الرجوع بجميع حقه ، وهو نصف الكتابة على من شاء من المكاتب أو المقر ، لأن المقر معترف باستيفائها ، ولا تقبل شهادة المقر عليه ، للتهمة في دفع الرجوع عليه ، ولا يصير شاهداً على فعل نفسه ، ثم ينظر ، فإن رجع المنكر بكتابته على المقر لم يكن للمقر أن يرجع بها على المكاتب لاعترافه بأن شريكه ظلمه بها ، وإن رجع المنكر على المكاتب ، فاستوفى منه كتابته رجع المكاتب على المقر بما أقر بقبضه من حصة الشريك المنكر ، سواء كان المكاتب قد صدقه على الدفع أو أكذبه ، لأنه وإن صدقه على الدفع فقد فرط في ترك الشهادة عليه فلذلك غرم ، وقد عتق جميع المكاتب ، ولو عجز المكاتب عن أداء حصة المنكر لم يكن للمنكر إجبار المكاتب على الرجوع على المقر لأن رجوعه كسب له والمكاتب لا يجبر على الكسب ، فإن عجزه واسترقه كان للمنكر حينئذ أن يرجع على المقر بما أقر به ، لأنه قد صار ذلك مالا لعبده ، فكان