پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج18-ص201

والوجه الثاني : أنها لا تلزم إلا عن مراضاة ، لأنها تفضي إلى تأخير حق معجل ، وتعجيل حق موخر . وما أفضى إلى هذا لم يلزم ، وبهذا المعنى فارق قسمة الشركاء ، لأنه لا تعجيل فيها ولا تأخير . وأما قسم الزوجات ، فلما لم يمكن الجمع بينهن ، ولم يكن بد من إفراد كل واحدة منهن بحقها ، لزمت المهايأة بينهن ، وليس كذلك هاهنا ، لإمكان الاشتراك من غير مهايأة فافترقا فإذا صح هذا ، وأدى المكاتب إلى سيده الذي كاتبه من مال كتابته نظر ، فإن كان أداؤه قبل أن دفع إلى الشريك منه قدر حقه لم يعتق به ، لأن للشريك أن يرجع بقدر حصته منه ، فلم يكمل به الأداء فلم يعتق وإن كان ما أداه بعد أن دفع إلى الشريك منه قدر حقه عتق منه قدر ما كوتب منه بالعتق ، ثم اعتبرت بحال سيده الذي كاتبه ، فإن كان معسرا لم يسر عتقه إلى باقيه ، وكان على رقه للشريك فيه ، وإن كان موسرا سرى إلى الباقي ، ويقوم على الشريك الذي كاتبه وقت الأداء وصار جميع المكاتب حراً بالأداء والسراية ، وإن عجز المكاتب عن أداء كتابته فلسيده الذي كاتبه استرقاقه ، ويصير جميع المكاتب عبدا قنا ، ويكون ما في يده بعد التعجيز للسيد المكاتب دون الشريك ، لأن الشريك قد استوفى حقه من الكسب .

فصل

وإذا قلنا بالقول الثاني : إن كتابته فاسدة ، وهو الأظهر فلسيده أن يبطل كتابته ويرفعها ، فإن أبطلها ورفعها لم يعتق بالأداء ، وكان جميعه مرقوقا ، واقتسم سيداه كسبه على ما يتفقان عليه من اشتراك أو مهايأة ، وإن لم تبطل كتابته ولا رفعها فمتى ادعى انه أدى قدر الكتابة إلى سيده الذي كاتبه ، نظر فيما أداه فإن كان بعد ما أخذه الشريك منه قدر حقه عتق به ، ووقف العتق على قدر الكتابة وإن كان سيده معسراً ، وسرى إلى جميعه العتق إن كان موسراً ، ورجع السيد على مكاتبه بقيمة ما عتق منه بالكتابة دون السراية ، لوقوع العتق فيه على كتابة فاسدة ، ورجع المكاتب عليه بما أداه إليه ، فإن لم يكن بينهما فضل تقاصا ، وإن كان فيه فضل ترادا ، وإن كان ما أداه المكاتب إلى سيده لم يأخذ الشريك منه قدر حقه ففي عتق المكاتب به وجهان ، حكاهما ابن سريج :

أحدهما : لا يعتق كما لا يعتق به في الكتابة الصحيحة ، لاستحقاق الشريك لبعضه ، فلم يكمل به الأداء .

والوجه الثاني : يعتق به في الكتابة الفاسدة ، وإن لم يعتق به في الكتابة الصحيحة ، لأن الصحيحة يغلب فيها حكم المعاوضة والعوض المدفوع يستحق فلم يكمل بخلاف الفاسدة فإنه يغلب فيها حكم العتق بالصفة ، وقد وجدت الصفة ، وإن لم تملك كما لو قال لعبده : إن أعطيتني هذا الثوب فأنت حر فأعطاه ، وكان مغصوبا عتق به