الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج18-ص196
والقسم الثالث : أن يكون العوض المعيب باقيا في يد السيد ، لكن قد حدث به عيب يمنعه من رده ، فيكون وقوع العتق موقوفا على ما يستقر بينهما ، لأن الارش لم يستقر لإمكان الرد والرد لم يستقر لحدوث العيب ، لأن المكاتب بالخيار بين أن يسترجع العرض معيبا ، فيرد مثله ، وبين أن يمتنع من استرجاعه ويدفع قدر أرشه .
فإذا كان هكذا بدئ بالسيد وقيل له : أترضى بعيب ؟
فإن رضي به استقر وقوع العتق ، وإن لم يرض بالعيب قيل للمكاتب : أترضى أن يسترجع العوض بالعيب الحادث ، فإن رضي باسترجاعه كان ارتفاع عتقه موقوفاً على رد العوض عليه ، فإن رده ارتفع عتقه ، فإن قضاه بمثله سليما ، وإلا عجزه السيد واسترقه ، وإن امتنع من استرجاعه معيبا فالمستحق في الأرش ، فيرتفع عتقه بالاستحقاق للارش ، إلا أن يسمح به السيد ، فيصير كالإبراء ، ويستقر به وقوع العتق .
قال الماوردي : وصورتها أن يدعي المكاتب على سيده انه دفع إليه مال كتابته ، وينكره السيد فإن لم يكن للمكاتب بينة فالقول قول السيد مع يمينه أنه ما قبض منه مال كتابته ، ويكون المكاتب بعد يمين السيد على حال الكتابة ، فإن نكل السيد عن اليمين ردت على المكاتب ، فإذا حلف برئ وعتق ، وإن كان للمكاتب بينة نظر ، فإن كانت بينته حاضرة سمعت وحكم بها على سيده ، وهي شاهدان أو شاهد وامرأتان ، أو شاهد ويمين ، لأنها على دفع مال ، وإن أفضت إلى العتق ، وليس يمتنع أن تسمع الشهادة فيما يفضي إلى ما لا يثبت بتلك الشهادة ، كما تسمع في الولادة شهادة النساء ، وإن ثبت بها نسب لا يثبت بشهادة النساء وإن كانت بينته غائبة قيل له : أتقدر على إحضارها عن قريب ؟ فإن قال : لا .
قيل : فأنت كمن لا بينة له فيحلف السيد ، ويكون المكاتب باقيا على كتابته ، فإن استرقه السيد بالعجز ثم حضرت بينته من بعد جاز سماعها ، والحكم بعتقه ، لأن البينة العادلة أحق بالحكم من اليمين الكاذبة .
وإن قال : أقدر على إحضار بينتي عن قريب انظر لإحضارها يوماً أو يومين ،