الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج18-ص191
أخذ به جبرا ، وإن تعذر أخذه من السيد حتى يعتق به ، فأما تعذره منه فيكون من أحد وجهين : إما تفليس ، أو موت .
فإن أفلس السيد وله غرماء ، وحضر المكاتب بعد عتقه مطالبا بالإيتاء نظر ، فإن كان مال الكتابة أو قدر الإيتاء منه موجودا في يد السيد ، فالمكاتب مقدم به على جميع الغرماء ، لأنه عين ماله فكان أحق به منهم كالبائع إذا وجد عين ماله قبل قبض ثمنه ، وإن لم يوجد في يده من مال الكتابة شيء ، فالمكاتب أسوة الغرماء في الموجود من مال السيد .
وأجاب أصحابنا عن هذا الاعتراض بأربعة أوجه :
أحدها : أن المراد به أن المكاتب يتقدم به على الورثة كأهل الدين والوصايا ، ثم يحاص به أهل الدين ، ويتقدم به على أهل الوصايا لأنه دين فكان مضمونا إلى الدين .
والثاني : أنه محمول على الوصايا بالدين ، لأن الدين يثبت بعضه بالبينة ، وبعضه بالوصية ، فصارت الوصايا والدين سواء ، فلذلك وجب أن يحاص المكاتب أهل الدين والوصايا .
ولو كانت الوصايا بالعطايا لتقدم بها عليهم .
والثالث : انه محمول على أن السيد وصى له بأكثر من حقه فيحاص أهل الدين بالواجب ، وأهل الوصايا بالفاضل .
والرابع : أن المكاتب يحاص أهل الوصايا بجميع الإيتاء ، لضعفه عن الديون المستقرة من وجهين :
أحدهما : حصول الخلاف في استحقاقه .
والثاني : الجهالة بقدره ، فلم يجز أن يساوي ما اتفق على استحقاقه وقدره .
والقول بهذا الوجه تعليلا بهذين الأمرين فاسد ، لأننا قد حكمنا باستحقاقه وقدره .