الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج18-ص189
أحدها : في جنس الإيتاء .
والثاني : في قدره .
والثالث : في وقته .
فأما جنسه : فهو ما كاتبه عليه من مال ، فإن كاتبه على دراهم لم يجز أن يؤتيه دنانير ، ولا عرضا ولو كاتبه على دنانير لم يجز أن يؤتيه دراهم ولا عرضا ، حتى يكون الإيتاء من كتابة الدراهم دراهم ، ومن كتابة الدنانير دنانير ، لقول الله تعالى : ( وآتوهم من مال الله الذي آتاكم ) [ النور : 33 ] فإن تراضيا أن يؤتيه عن كتابة الدراهم دنانير أو عرضا ، أو عن كتابة الدنانير دراهم أو عرضا ، جاز ، كالثمن في البيع إذا كان دراهم ، فهي المستحقة فإن تراضيا على أن يأخذ بها دنانير أو عرضا جاز ، وإذا ثبت أن الإيتاء مستحق من جنس مال الكتابة ، فهل يتعين الحق في المال المأخوذ منه أم لا ؟ على وجهين :
أحدهما : لا يتعين في ذلك المال ، ويجوز للسيد إذا أخذ منه دراهم أن يعطيه منها إن شاء ، أو يعطيه مثلها من غيرها ، كالزكاة يكون مخيراً في إخراجها من عين المال المزكى ، أو من مثله من غيره .
والوجه الثاني : وهو الظاهر من مذهب الشافعي أن حقه معين في المال المأخوذ منه لقول الله تعالى : ( وآتوهم من مال الله الذي آتاكم ) [ النور : 33 ] معناه : الذي آتاكم مكاتبوكم .
والفرق بينه وبين الزكاة ، أن الإيتاء حطيطة ، والحطيطة لا تكون إلا من عين المال ، والزكاة معونة يستوي فيها عين المال ومثله ، فلو تراضيا على أن يكون الإيتاء من غيره جاز ، لأنه لما جاز أن يتراضيا بغير الجنس ، جاز أن يتراضيا به من غير العين .
أحدهما : انه معتبر بما انطلق عليه اسم الإيتاء ، من قليل أو كثير ، حتى لو أعطاه درهما من الورق أجزأ ، وهو الظاهر من مذهب الشافعي لأنه ما لم يتقدر بشرع ولا عرف اعتبر فيه ما ينطلق عليه الاسم .
والوجه الثاني : وهو قول أبي إسحاق المروزي ، أنه يتقدر بالاجتهاد من مثل تلك الكتابة ، كالمتعة التي روعي فيها عند إطلاقها متعة المثل ، اعتبارا بحال الزوجين ، ولم يراع فيها ما انطلق عليه الاسم ، كذلك هاهنا ، لأن ما انطلق عليه الاسم قليل لا يؤثر على المكاتب في معونته .