الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج18-ص186
جواز بيعه ، فانتشرت حرمته إليها في المنع من بيعها ، فعلى هذا يوقف أمرها على عتقه ورقه .
فإن عتق حرم بيعها ، وإن عجز ورق صارت هي وولدها ملكا للسيد ، تبعا لرق المكاتب ، وله بيع جميعهم ، هذا إذا كان وضعها للولد قبل عتق المكاتب .
فأما إذا وضعت ولدا بعد عتق المكاتب ، فلا يخلو أن تضعه لأقل من ستة أشهر أو لستة اشهر فأكثر ، فإن وضعته لأقل من ستة أشهر فهو مملوك في حال العلوق وحر في وقت الولادة ، فعليه الولاء لأبيه لعتق الولد بعد رقه ، وهل تصير له أم ولد أم لا ؟ على ما مضى من القولين .
وإن وضعت لستة أشهر فصاعدا كان حر الأصل ، لأنه يجوز أن يكون علوقه متقدما في الرق ، ويجوز أن يكون حادثا بعد العتق ، ونحن على يقين من حدوثه ، وفي شك من تقدمه ، فوجب أن يتعلق عليه حكم اليقين دون الشك . فعلى هذا لا يكون عليه ولاء ، لأنه لم يجر عليه رق ، وتكون أمه أم ولد قولا واحداً ، لأنها علقت بحر ، والله أعلم .
قال الماوردي : وهذا صحيح ، يجب علي سيد المكاتب أن يضع عنه من كتابته شيئا ، إما إبراء منه أو ردا عليه مما أخذ منه ، تخفيفاً عنه ومعونة له ، فإن فعله طوعا وإلا أخذ به جبراً ، وهو قول اكثر الصحابة والتابعين والفقهاء .
وقال أبو حنيفة ومالك ، يستحب ذلك ، ولا يجب احتجاجا بقول النبي ( ص ) : ( المكاتب عبد ما بقي عليه درهم ) . ولو كان الإيتاء واجبا لعتق مع بقاء ذلك الدرهم ، فدل على بطلانه .
ولأن المكاتبة معاوضة ، فإذا لم يستحق أحدهما على الآخر شيئا غير مشروط لم يستحقه الآخر كالبيع طرداً لا يستحق أحدهما على صاحبه ، إلا ما شرطه البائع من الثمن ، وشرطه المشتري من المثمن ، وكالنكاح عكسا ، لما استحقت الزوجة فيه ما لم يشترطه من المتعة استحق الزوج فيه ما لم يشترطه ، من نصف المهر بالطلاق وقبل الدخول .