الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج18-ص185
قال الماوردي : يجوز أن يشتري المكاتب الإماء للتجارة واكتساب الربح ، لأن التجارة فيهن جائزة .
فإذا اشترى أمة لم يكن له أن يتسرى بها ، ويستمتع بإصابتها بغير إذن السيد ، لضعف حكمه وقصور تصرفه ، فإن أذن له السيد في إصابتها والتسري بها كان مبنيا على اختلاف قولي الشافعي في العبد ، هل يملك إذا ملك ، أم لا ؟ فعلى قوله في الجديد أنه لا يملك ، وإن ملك فليس له أن يتسرى ، وإن أذن له السيد ، لأن التسري إنما يصح في ملك ، وليس المكاتب مالكا .
وعلى قوله في القديم ، أن العبد يملك إذا ملك ، فيجوز تسريه بإذن سيده قولا واحداً ، كالنكاح ، لأنه ربما دعت الضرورة إليهما فاستويا .
ومن أصحابنا من خرج في جوازهما بإذن السيد قولين كالهبة ، وليس هذا التخريج صحيحاً ، لأمرين :
أحدهما : أن الهبة استهلاك ملك عاجل ، والنكاح والتسري قد يفضي إلى الاستهلاك ولا يفضي .
والثاني : أن الضرورة مفقودة في الهبة ، وقد توجد في التسري والنكاح .
قال الماوردي : إذا وطئ المكاتب أمة ، قد اشتراها في كتابته ، فلا حد عليه في وطئها ، ولا مهر ، سواء جوز له ذلك أو منع منه ، أما سقوط الحد فلوجود الشبهة في تردده بين أن يكون مالكا أو غير مالك ، وأما سقوط المهر فلأن مهرها من كسبه ، فلم يجب له على نفسه مهر ، فإن أحبلها وجاءت بولد فهو لاحق به ، لأنه من ملك أو شبهة ملك ، وهو مملوك لأنه من بين مملوكين ، ولا يملكه السيد لزوال ملكه عن أبويه ، ولا يعتق على الأب بالملك لبقاء الأب على رقه ، وليس للأب بيعه لحرمة نسبه ، ويكون تبعاً له في الكتابة يعتق بعتقه ، ويرق برقه ، وهل تصير به أم ولد أم لا ؟ على قولين :
أحدهما : لا تصير به أم ولد ، لأنها علقت به وهو مملوك ، فلم تنتشر حرمته إليها ، فعلى هذا يجوز له بيعها في كتابته وبعد عتقه .
والقول الثاني : أنها قد صارت به أم ولد له ، لأن لولدها في الحال حرمة تمنع من