الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج18-ص184
المرتهن وكذب الراهن ، فأحلف الراهن عليها وبيع العبد ، ثم دفع ثمنه إلى المرتهن لم يلزمه دفعه إلى من صدقه على دعوى الجناية ، فهلا كان في سيد المكاتب كذلك : قيل : لأن حق المغصوب منه يتعين في مال الكتابة فلزم السيد رده عليه ولا يتعين في ثمن العبد الجاني فلم يلزم المرتهن رده عليه .
وإن لم يقبض السيد ذلك ، ولكن أبرأ منه جاز أن يكون السيد شاهدا على مكاتبة بعضه ، ولو لم يبرئه لم تجز شهادته عليه ، لأنه يدفع بها قبل الإبراء ضررا ، ولا يدفع بها بعده ضرراً ، وتجوز هذه الشهادة ، إذا سمي المغصوب منه ، ولا تجوز إن لم يسمه ولا يمنع المكاتب من التصرف فيه إذا لم تجز الشهادة ، وإذا لم يقبض السيد ذلك منه ولا أبرأه فللمكاتب أن يستعدي الحاكم على سيده حتى يأمره بأحد الأمرين من قبض أو إبراء . فإن أقام على امتناعه ناب الحاكم عنه في القبض دون الإ [ راء لأن الإبراء إسقاط والقبض استيفاء ، فإذا قبضه الحاكم نظر فإن كان السيد قد سمى المغصوب منه سلمه الحاكم إليه إذا طالبه به ، وإن لم يسمه استبقاه الحاكم في يده ، أو في يد أمين من أمنائه ، فإن جاء مدعيه ببينته اقامها على غصبه منه ، أو على انه ملك له سلمه إليه .
وإن جاء السيد مطالبا بإقراره في يده ، لم يدفعه الحاكم إليه لأنه لو كان في قبضته لم ينتزعه منه إلا مالك ، وإذا صار في يد الحاكم لم يدفعه إلا إلى مالك وقد أقر انه لا ملك له فيه فأخذ بإقراره في حق نفسه ، وإن لم يؤخذ به في حق غيره .
قال الماوردي : وهذا صحيح وليس للمكاتب أن يتزوج بغير إذن سيده وقال ابن أبي ليلى : إن شرط السيد على مكاتبه أن لا يتزوج إلا بأمره ، وجب أن يستأمره ، وإن لم يشترطه جاز له أن يتزوج بغير أمره وهذا خطأ ، لأن النبي ( ص ) قال : ( إيما عبد تزوج بغير إذن مواليه فهو عاهر ) والمكاتب عبد ، ولأن التزويج استهلاك ما بالتزام المهر والنفقة ، والمكاتب ممنوع من ذلك ، فإن أذن له السيد في التزويج جاز قولاً واحدا . ولو أرادت المكاتبة أن تخالع زوجها بغير إذن السيد لم يجز لما فيه من استهلاك المال ، فإن أذن لها السيد في الخلع ، ففي جوازه قولان :
أحدهما : يجوز ، لأن الحق في المال الذي بيدها ، لا يعدوها .
فعلى هذا يستوي حكم النكاح والخلع في جوازهما بإذن السيد .
والقول الثاني : أن الخلع لا يجوز ، وإن أذن السيد فيه لضعف إذنه معها .
فعلى هذا يكون الفرق بين الخلع والنكاح ، أن المكاتب قد يكون مضطراً إلى النكاح ، فجاز والمكاتبة غير مضطرة إلى الخلع فلم يجز .