الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج18-ص183
بتركته حق ورثته لم يتعلق به دين كتابته ألا ترى لو ترك أقل من الوفاء ، لم يورث عنه ، وصار إلى سيده ملكا . والله أعلم .
قال الماوردي : وهذا صحيح إذا دفع المكاتب مال نجم من كتابته إلى سيده فقال السيد : هو حرام ، لأنه من غصب ، أو ربا وقال المكاتب بل هو مالي ، وحلال لي . فالقول قول المكاتب مع يمينه دون السيد ، لأن ظاهره يدل على ثبوت ملكه ، ويحلف عليه لإمكان ما قاله السيد وهو في يمينه مخير بين أن يحلف بالله أن هذا المال ليس بحرام ولا مغصوب وبين أن يحلف انه ملكه ، فإذن حلف قيل للسيد إما أن تقبضه ، أو تبرئه منه .
فإن قيل : أفليس المفلس إذا حلف على مال ادعاه فأكذبه فيه بعض غرمائه وحكم له بالمال فإنه يقسمه بين من صدقه من غرمائه ولم يكن لمن أكذبه فيه حق ، لاعترافه بتحريمه فهلا كان سيد المكاتب كذلك .
قيل : الفرق بينهما أن المفلس لا يستضر بامتناع بعض غرمائه من أخذه ، لأنه يقدر على دفعه إلى غيره والمكاتب يستضر بامتناع سيده من أخذه ، لأنه لا يقدر على دفعه إلى غيره فلذلك أجبر السيد على أخذه ، وإن لم يجبر غريم المفلس .
ومثال المكاتب من المفلس أن لا يكون له إلا غريم واحد قد اعترف بتحريمه فيجبر على أخذه ، أو إبرائه ، لأنه يستضر في الغريم الواحد بترك أخذه كالمكاتب فصارا سواء .
فإن أخذ منه المال برئ المكاتب منه ، فإن كان من آخر نجومه عتق به وإن كان من تضاعيفها كان عتقه معلقا بأداء ما بقي ، فإذا صار المال في يد السيد نظر فيما ادعاه من تحريمه فإن لم يسم مستحقه كان مقرا في يده على مستحقه ، ولا يجعل ملكا له ، وإن لم ينزع من يده .
وإن سمى مستحقه فقال : هو مغصوب من زيد لزمه بعد أخذه أن يرده على زيد ، لاعترافه له بما صار في يده ، ولأنه سمى فصار كرجل أقر بدار في يد أبيه أنها غصب ، ثم مات أبوه فصارت الدار إليه ، لزمه ردها على من اعترف بغصبها منه .
فإن قيل : أفليس لو رهن رجل عبدا فادعيت على العبد جناية صدق عليها