الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج18-ص177
أحدهما : وهو الظاهر من قول أبي إسحاق المروزي أنه يكون بينهما ، لأنه ولاء ملكه للأب فانتقل عنه فوجب أن يشترك فيه ابناه ، ولا يختص به أحدهما كما لو تحرر عتق جميعه .
والوجه الثاني : وهو اختيار أبي حامد الإسفراييني انه يختص المصدق بولاء النصف كله ، لأن أخاه قد كان قادرا على أن يملك ولاء النصف الباقي لو صدق وقد صار إليه بالتكذيب رق باقيه فلم يملك الولاء في حق أخيه ، وجرى مجرى أخوين حلف أحدهما على دين لأبيه مع شاهد أقامه ونكل الآخر ، اختص الحالف منهما بالنصف الذي حلف عليه من الدين ، ولم يشاركه الأخ فيه وإن كان شريكا في تركة أبيه ، لأنه قد كان قادراً على مثل ما صار إلى أخيه لو حلف .
وأما الميراث في موت هذا الذي قد عتق نصفه ورق نصفه ففيه قولان :
أحدهما : أنه لا يورث ما لم تكمل حريته ، فعلى هذا يكون ملكا للمكذب المالك لرق نصفه .
والقول الثاني : انه يكون موروثا بقدر حريته فيكون نصفه للمكذب ملكا بحق الرق ، والنصف المقابل لحريته لولده إن كان له ، لأن النسب في الميراث مقدم على الولاء فإن لم يكن له وارث مناسب انتقل بالولاء إلى مالك الولاء ، فإن جعلناه بين الأخوين المصدق منهما والمكذب كان ميراث النصف بينهما ، لكون الولاء لهما واختص المكذب بالنصف الآخر ملكا ، وإن جعلناه للمصدق كان ميراث النصف له خاصة ، وصار ما خلفه العبد بينهما شركة نصفه بالملك للمكذب ونصفه بالإرث للمصدق .
قال الماوردي : وصورتها في رجل كاتب عبده ، ثم مات السيد قبل الأداء ، وترك ابنين لم تبطل الكتابة بموته للزومها في حقه ، وما لزم من العقود ولم يبطل بالموت كالبيوع .
وعلى المكاتب أن يؤدي مال الكتابة إلى الابنين ، لقيامهما فيها مقام الأب ، وليس لهما فسخها لأن ما لزم الأب كان لهما ألزم . فإن أدى المكاتب إليهما ما عليه عتق ، وكان ولاؤه للأب ينتقل إليهما بالإرث وإن عجز واسترقاه كان مملوكا لهما .