الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج18-ص175
وهذا التوهم من أبي العباس هو السهو ، لأن وضع الكلام مبني على تصحيحه بإثبات لأنه قال : ولا يرجع أحدهما على صاحبه بشيء نفياً ، لعموم الرجوع ، ولو أراد إثبات الرجوع لقال : ويرجع السيد على مكاتبه بالقيمة فعلم فساد ما توهمه أبو العباس ، وصحة ما نقله المزني لصحة نظم الكلام عليه . والله أعلم .
قال الماوردي : وصورتها في عبد مات سيده وخلف ابنين فادعى العبد أن أباهما كاتبه قبل موته على ما ذكره في نجوم وصفها ، فلا يخلو حال الاثنين من ثلاثة أحوال :
أحدها : أن يصدقاه فيصير مكاتبا من أبيهما فإن أدى إليهما عتق ، وكان ولاؤه للأب ينتقل إليهما بالإرث وإن عجز رق وصار عبداً لهما .
والحال الثانية : أن يكذباه فيكون القول قولهما بالله إنهما لا يعلمان أن أباهما كاتبه ، لأنه يمين على نفي فعل الغير فكانت على العلم دون البت .
فإن نكلا عن اليمين ردت على المكاتب ، وحلف على البت بالله لقد كاتبه أبوهما على ما ادعاه من المال والنجوم ، وثبتت كتابته وإن نكل المكاتب كان على رقه .
والحال الثالثة : أن يصدقه أحدهما ويكذبه الآخر ، فتصير حصة المصدق منه ، وهي النصف مكاتبا ويحلف المكذب على العلم ، وتكون حصته وهي النصف رقا ، وإنما لزمت الكتابة في حصة المصدق بإقراره ، لأنه اقر بحق عليه لم يكن له خيار فيه يستضر به ولا ينتفع فوجب أن يكون مأخوذاً به .
فإن قيل : فكيف تصح كتابة بعضه ، وهو لو كان بين شريكين لم يكن لأحدهما مكاتبة حصته بغير إذن شريكه وفي جوازها بإذنه قولان فهلا كان كذلك في الإقرار .
قيل : لأن كتابة أحد الشريكين عن غير اختيار صاحبه قصد بها تبعيض أحكام العبد مع الضرر الداخل على شريكه فمنع ، وليس كذلك في مسألتنا إذا صدق أحد الاثنين لأنه إقرار منه بواجب عليه لم يبتدئ فيه تبعيض الأحكام ، وإدخال الضرر فكان إقراره ماضيا فإذا نفذ إقرار المصدق في حقهنظر فإن كان عدلا جاز أن يشهد