پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج18-ص174

والقسم الثاني : أن يكاتب السيد عبده في حال جنونه ويتأداها منه في حال جنونه . فهذا لا يعتق بوجود الصفة ولا تراجع بينهما ، لأن المجنون ليس من أهل المعاوضات ولا ممن يصح منه ضمان مال ، فكانت الكتابة معه باطلة ، فتجرد فيها العتق بالصفة المحضة ، وسقط فيها حكم البدل .

وهذان القسمان لا اختلاف فيهما أن لا تراجع بين السيد وعبده بعد عتقه بأدائه .

والقسم الثالث : وهو مسطور المسألة – أن يكاتبه في حال الصحة كتابة فاسدة ، ثم يجن العبد ، فيتأداها السيد منه في حال جنونه ويعتق بها على ما ذكرناه .

فقد نقل المزني هاهنا انه لا يرجع أحدهما على صاحبه بشيء ، ونقل الربيع في كتاب الأم أن السيد يرجع على عبده بعد إفاقته بقيمته ، ويرجع العبد على سيده بما تأداه في حال جنونه ، ويكون القصاص على ما قدمناه فاختلف أصحابنا في اختلاف هذين النقلين على ثلاثة طرق :

أحدها : أنه محمول على اختلاف قولين :

أحدهما : لا يتراجعان على نقله المزني ، لأن ما استهلكه المجنون عن معاوضة فاسدة لم يضمنه كالمجنون ، إذا اشترى وتسلم ما اشترى فاستهلكه لم يضمنه ، ولو كان عاقلا ضمنه فكذلك في الكتابة الفاسدة .

والقول الثاني : يتراجعان القيمة على ما نقله الربيع لوقوع العتق عن كتابة فاسدة ، وجنونه في الأداء كالصحة في وقوع العتق فوجب أن يكون بمثابته في الغرم ، فهذه طريقة المتقدمين من أصحابنا .

والطريقة الثانية : وهي طريقة أبي إسحاق المروزي وأبي علي بن أبي هريرة أن اختلاف النقلين محمول على اختلاف حالين ، فنقل المزني أنهما لا يتراجعان محمول عليه إذا كان العبد مجنونا في حال الكتابة على ما ذكرناه في القسم الثاني ، ونقل الربيع في وجوب التراجع بينهما محمول على الكتابة الفاسدة إذا طرأ الجنون بعدها في حال الأداء .

والطريقة الثالثة : وهي طريقة أبي العباس بن سريج أن نقل الربيع ، وهو الصحيح في وجوب التراجع ونقل المزني خطأ ، لأنه زاد فيه لا سهوا منه .