الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج18-ص173
قال الماوردي : وهذا صحيح إذا كانت الكتابة فاسدة فجن السيد ، أو حجر عليه بالسفه بطلت الكتابة ولم يقع العتق فيها بالأداء وإن لم تبطل الكتابة الصحيحة ، لأن وقوع الحجر بالجنون والسفه يبطل ما لا يلزم من العقود كالوكالات ، ولا يبطل بها ما لزم فيصير بطلان الكتابة الفاسدة واقعاً من ثلاثة أوجه :
أحدها : إبطال السيد لها والحاكم إن سأله .
والثاني : موت السيد .
والثالث : وقوع الحجر عليه بجنون أو سفه .
فإذا بطلت من أحد هذه الوجوه الثلاثة لم يقع العتق فيها بالأداء وكان العبد على رقه والمال المؤدى ملكا لسيده .
قال الماوردي : الكتابة الفاسدة لا تبطل بجنون العبد وإن بطلت بجنون السيد ، فإن جن أو حجر عليه لسنه كان حكم الكتابة باقيا يعتق بها بالأداء كالعتق بالصفة .
والفرق فيها بين جنونه ، وجنون السيد من وجهين :
أحدهما : أن العبد لا يملك رفع الكتابة الفاسدة ، وإن ملكه السيد فلذلك لا تبطل بجنون العبد وإن بطلت بجنون السيد .
والثاني : إن وقوع الحجر على السيد يمنع من جواز كتابته ، فلذلك بطلت بوقوع الحجر عليه ، وليس كذلك حال العبد ، لأن حجر الرق لا يؤثر في كتابته ، كذلك حدوث الحجر بجنون أو سفه ، لا يوجب بطلان كتابته ، وإذا لم تبطل بجنون العبد وسفهه فأداها السيد منه في حال جنونه عتق ، فأما التراجع بالقيمة بعد وقوع العتق فينقسم حال العبد المجنون في عتقه بالأداء ثلاثة أقسام :
أحدها : أن يكاتبه السيد كتابة صحيحة ، ثم يجن العبد فيؤدي مال كتابته في حال جنونه ، فهذا يعتق بالأداء عن كتابة صحيحة فلا تراجع بينهما ، لأن المؤدي هو المستحق بالعقد .