پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج18-ص171

عليه دين فله قضاؤه من أي ماله شاء وعلى كل واحد منهما دين لصاحبه فكان له قضاؤه من ماله ، أو من دينه .

والقول الثالث : انه يصير قصاصا بتراضيهما ، فإن أبى أحدهما لم يصر قصاصا كالحوالة التي لا تتم إلا برضى المحيل والمحتال .

والقول الرابع : أنه لا يكون قصاصا وإن تراضيا ، لأنه يصير في معنى بيع الدين بالدين ، وقد نهى رسول الله ( ص ) عن بيع الدين بالدين .

وكما لو تجانس الحقان وكانا من غير جنس الأثمان لم يقع القصاص كذلك إذا كانا من جنس الأثمان .

فإذا تقررت هذه الأقاويل فإن قلنا : يكون قصاصا نظر في الحقين . فإن تساويا برئ كل واحد منهما من حق صاحبه وإن تفاضلا سقط الأقل من الأكثر ورد الفاضل . فإن كانت القيمة أكثر رجع السيد بالفاضل منها على مكاتبه ، وإن كان الأداء أكثر رجع العبد بالفاضل منه على سيده .

وإن قلنا : لا يكون قصاصا كان لكل واحد منهما مطالبة الآخر بما عليه ، فإذا قبضه كان مخيراً في قضاء ما عليه من ذلك المال أو من غيره .

فإن قال كل واحد منهما : لا أدفع ما علي حتى أقبض مالي كان لكل واحد منهما حبس ما لصاحبه على حقه ، ولم يترجح أحدها في تقديم القبض ، لاستوائهما في ثبوت الحقين في الذمتين . والله أعلم .

مسألة

قال الشافعي رضي الله عنه : ( فإن أبطل السيد الكتابة وأشهد على إبطالها أو أبطلها الحاكم ثم أداها العبد لم يعتق والفرق بين هذا وقوله إن دخلت الدار فأنت حر أن اليمين لا بيع فيها بحال بينه وبينه والكتابة كالبيع الفاسد إذا فات رد قيمته ) .

قال الماوردي : وهذا فيما قدمناه في الأحكام الستة وقلنا : إن للسيد إبطال الكتابة الفاسدة حتى لا يعتق العبد فيها بالأداء وإن لم يكن له إبطال العتق بالصفة لما ذكرناه من الفرق بينهما . وإذا أراد السيد إبطال الكتابة الفاسدة ، كان مخيراً بين إبطالها بنفسه وبين أن يرفعها إلى الحاكم ، حتى يحكم بإبطالها ، فإن أراد إبطالها بنفسه ، جاز أن يبطلها بمشهد العبد وغيبته فيقول : قد أبطلت كتابة عبدي ، أو نقضتها وفسختها بلفظ مسموع يشهد به على نفسه ، وليست الشهادة شرطاً في إبطالها ، لأنها وثيقة تراد لقطع التجاحد فإن نوى إبطالها لم تبطل ، لأنه لا تأثير للنية في إثبات عقد ، ولا في إبطاله ، وإن رفعها إلى الحاكم لم يكن له إبطالها إلا بعد ثبات فسادها عنده ، ومسألة