الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج18-ص163
كتابة أحدهم على عشرين دينارا ، وكتابة الآخر على ثلاثين دينارا ، وكتابة الثالث على خمسين ديناراً ، فيؤدوا معا خمسين ديناراً . ثم يختلفون فيقول من قلت قيمته : أديناها بالسوية أثلاثا فيكون لكل واحد منا ثلثها محسوبا مال كتابته ، ويقول من كثرت قيمته : أديناها على القيم فلي نصفها خمسة وعشرون دينارا ، ولك يا من قلت قيمته عشرة دنانير ، ولك يا من كثرت قيمته خمسة عشر ديناراً ، فيكون التنازع في هذا الاختلاف مختصا ولا يكون السيد فيه خصما لهم ، لأن تنازعهم لا يقتضي استرجاع شيء من السيد فلذلك لم يضمن لهم حقهم فإن تصادقوا بعد الاختلاف عمل على تصادقهم ، ولم يعتبر فيه تصديق السيد لهم ، وإن أقاموا على التنازع والاختلاف فالذي نقله المزني هاهنا ونص عليه الشافعي في كتاب الأم ، أن القول فيه قول من قلت قيمته في ادعاء التساوي ، ويكون بينهم أثلاثا لتساوي أيديهم كثلاثة في أيديهم دار ادعى بعضهم أنها بينهم بالسوية أثلاثا وادعى الآخرون أنها بينهم على تفاضل فالقول فيها قول من ادعى التساوي دون التفاضل لتساوي أيديهم عليها فاستوت حقوقهم فيها .
وإن ادعى انه دفع الفضل إلى السيد قرضا عليه ، أو وديعة عنده صار السيد في هذا التنازع خصما لهم ، فإن صدق الدعوى لزمه الرد ، وإن أكذبها وصدق من كثرت قيمته في عتقه بها صار داخلا في التنازع والاختلاف ، وفيه وجهان :
أحدهما : وهو قول أبي علي بن أبي هريرة وقد أشار إليه الشافعي في موضع من كتاب الأم أن القول فيه قول من كثرت قيمته مع يمينه ، ويكون المال المؤدى على قدر قيمتهم ، ولا تراجع فيه اعتباراً بالعرف في الدين أن المؤدى فيه بقدر الدين ، فجاز أن يكون العرف في هذا الاختلاف معتبراً .
ولأن الظاهر من الأداء وقوع العتق به فلم يجز أن يقبل ما خالفه في نقضه .
والوجه الثاني : وهو قول أبي إسحاق المروزي وأبي حامد الإسفراييني أن القول فيه قول من قلت قيمته في التساوي ورد قول من خالفه في ادعاء التفاضل ، لأن الدعوى إذا ترددت بين يد وعرف غلب فيها حكم اليد على العرف .