الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج18-ص161
بحكم الصفة في قوله : ( فإذا أديتم إلي آخرها فأنتم أحرار ) فوجب أن لا يعتق واحد منهم إلا بأداء جميع المال كما لو قال لهم : إذا دفعتم إلي ألف درهم فأنتم أحرار . لم يعتقوا حتى يدفعوا جميع الألف ، ولو دفعوها إلا درهما لم يعتقوا . وكما لو قال لهم : إذا دخلتم الدار فأنتم أحرار . لم يعتق أحد منهم بدخوله ، حتى يدخلوها جميعا ، فيعتقوا حينئذ .
كذلك في الكتابة .
وهذا الذي قالاه غير صحيح لأن في الكتابة معاوضة وصفة فإذا صحت الكتابة غلب فيها حكم المعاوضة وإذا فسدت غلب فيها حكم الصفة . ألا ترى أن السيد لو أبرأ مكاتبه من مال الكتابة عتق ، وإن لم توجد صفة الأداء ولو مات السيد فأداها المكاتب إلى ولده عتق ، وإن لم توجد الصفة تغليبا لحكم المعاوضة فبطل ما قالاه ، وخالف مجرد العتق بالصفات لما ذكرناه .
قيل : الفصل بينهما انه ألزم نفسه في العتق بالصفات وقوع العتق بمجرد الصفة ، فلم يكن له إبطال ما التزم ، وهو في الكتابة الفاسدة إنما ألزم نفسه العتق بالصفة على شرط العوض الذي كاتب عليه ، فإذا بطل ما شرط من العوض أسقط ما تعلق بالصفة من الالتزام فافترقا .
وإذا كان كذلك لم يخل حاله في هذه الكتابة الفاسدة من أحد أمرين : إما أن يرجع فيها فيبطلها ، أو يقرها على حالها .
فإن رجع فيها وأبطلها سقط حكم الصفة فإن ادى هؤلاء العبيد مال كتابتهم لم يعتقوا وكانوا على رقهم ، وما استأداه السيد منهم لا يلزمه رده عليهم ، لأنهم عبيده وهو مالك لأكسابهم .
وإن لم يرجع السيد في كتابتهم ، ولا أبطل ما عليهم ، فإن أدوا جميعا ما عليهم من مال الكتابة ، عتقوا بوجود الصفة وكان له عليهم قيمتهم يوم أدوا فعتقوا لا يوم كوتبوا بخلاف تقويمهم ، لو صحت كتابتهم ، لأن يد السيد ارتفعت عنهم في الكتابة