الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج18-ص160
والفرق بين البيع والكتابة من وجهين :
أحدهما : أن المقصود بالكتابة القربة والبر فخف حكمها .
والمقصود بالبيع الربح والمغابنة فتغلظ حكمه .
والثاني : أنه قد ينفذ العتق في الكتابة الفاسدة كنفوذه في الكتابة الصحيحة ولا ينتقل الملك بالبيع الفاسد فانتقاله بالبيع الصحيح فافترقا لخفة حكم الكتابة ، وتغليظ حكم البيع .
فإذا قيل : إن قيمة أحدهم مائة درهم ، وقيمة الآخر مائتا درهم ، وقيمة الثالث ثلاثمائة درهم كانت المائة دينار مقسطة على ستمائة درهم فيكون على الذي قيمته مائة درهم سدسها وعلى الذي قيمته مائتا درهم ثلثها وعلى الذي قيمته ثلاثمائة درهم نصفها ، وكان كل واحد منهم مأخوذا بالقدر الذي تقسط عليه منها ، ولا يلزمه ضمان ما على صاحبه .
وقال أبو حنيفة ومالك : يلزم كل واحد من الثلاثة ضمان ما على الآخرين ، لأن كتابتهم واحدة فاشتركوا في التزامها وضمان مالها وصار كل واحد منهم مأخوذا بجميعها . وهذا غير صحيح ، لأن الاجتماع على البتياع لم يلزم الضمان في الاجتماع على الكناية كالاجتماع على الابتياع ، فلما لم يلزم الضمان الاجتماع على الابتياع لم يلزم الضمان في الاجتماع على الكتابة ، وإذا اختص كل واحد منهم بالتزام مال كتابته دون صاحبه لم يخل حال الثلاثة في الأداء من ثلاثة أحوال :
أحدها : أن يؤدوا جميعاً مال كتابتهم ، فقد عتقوا بالأداء اتفاقا .
والحال الثانية : أن يعجزوا جميعا عن الأداء فيرقوا جميعا إذا أعجزهم السيد وهذا اتفاق أيضا .
والحال الثالثة : أن يؤدي بعضهم ويعجز بعضهم ، فيعتق من أدى ويرق من عجز .
وقال أبو حنيفة ومالك : لا يعتق من أدى إذا عجز بعضهم حتى يؤدوا جميع مال الكتابة ، ولمن أدى أن يجبر من عجز على الكسب والأداء ، فإن أدى المؤدي عن العاجز عتقوا جميعا ، حينئذ ورجع المؤدي على العاجز بما أدى عنه .
قالوا : وإنما لم يعتق أحدهم بالأداء حتى يؤدوا جميعا جميع الكتابة ، اعتباراً