الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج18-ص157
الكتابة قبل إجابة السيد صح البيع إذا قبله العبد ، لأن الكتابة قد تجب بطلب العبد وإجابة السيد وصار السيد مستأنفا بعدها لمبايعة مكاتبه بالبذل ، وبيع السيد على مكاتبه جائز كجوازه مع غيره ، ووقف تمام البيع بعد بذل السيد على قبول المكاتب ، وإن لم يكن العبد قد ابتدأ بطلب الكتابة ، وابتدأ السيد ببذلها فعقد الكتابة لم يتم لوقوفه على قبول المكاتب .
وإذا كان كذلك صار مبايعا لعبده لا لمكاتبه ، فبطل البيع وصحت الكتابة .
فهذا حكم العقد في الكتابة والبيع إن فصل الكتابة من ثمن الدار .
فأما إن جمع بينهما في العقد على الإطلاق ، من غير تفصيل فهو مبني على الأصل الذي قدمناه .
فإن قلنا : إن ما جمعه العقد من المختلفين في الحكم باطل ، بطل العقد هاهنا في الكتابة ، والبيع .
وإن قلنا : إنه جائز فيهما جميعا أثبتنا حكم العقد فيهما هاهنا على ما قدمناه من تفصيل المعوض فيهما ، وهو أن ينظر في عقده فإن قدم فيه ذكر الكتابة على ذكر البيع ، صح العقد فيهما بصحة الكتابة بتقدمها فصح البيع بعدها وتقسط الألف على على قيمة الدار وكتابة المثل فما قابل قيمة الدار منها كان ثمنا ، وما قابل كتابة المثل كان مالا في الكتابة ، فيجري على كل واحد منهما حكمه لو انفرد وإن قدم في العقد ذكر البيع على ذكر الكتابة بطل البيع ، لأنه صار فيه مبايعا لعبده وفي بطلان الكتابة قولان من تفريق الصفقة :
أحدهما : تبطل الكتابة لبطلان البيع ، إذا منع من تفريق الصفقة .
والقول الثاني : تصح الكتابة وإن بطل البيع إذا أجيز تفريق الصفقة .
فعلى هذا فيما يقيم به العبد على الكتابة قولان :
أحدهما : يقيم عليها بجميع الألف وإلا فسخ .
والثاني : يقيم عليها بقسطها من كتابة المثل وقيمة الدار إذا قوبلتا بالألف .