الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج18-ص145
معلوم كالبيع والإجارة ، فإن كانت على عوض مجهول أو إلى أجل مجهول كانت الكتابة باطلة .
وقال أبو حنيفة : يصح فيها من جهالة العوض ما لا يصح في البيع والإجارة ، وهو أن يكاتبه على ثوب لا يصفه فيصح ، ويكون له ثوب وسط وعلى عبد غير موصوف فيصح ويكون له عبد وسط احتجاجاً بأمرين :
أحدهما : أن مقصود الكتابة هو العتق ، والعتق يقع بالصفات المجهولة كوقوعه بالصفات المعلومة .
والثاني : أنه عقد تبتغى به القربة كالوصايا ثم جازت الوصية بالمجهول والمعلوم كذلك الكتابة .
ودليلنا أن النبي ( ص ) نهى عن الغرر .
وقوله ‘ ردوا الجهالات إلى السنن ‘ ولأن كل جهالة منعت من صحة البيع منعت من صحة الكتابة . كقولك كاتبتك على شيء ، وبهذا المعنى فارقت الوصية حيث جازت بشيء مجهول ، لم تجز الكتابة به ولأن كل عقد بطل بجهالة الجنس بطل بجهالة الصفة كالبيع ، وبهذا المعنى فرقنا بين العتق بالصفة وبين الكتابة على أن العتق قد يقع فيها مع الجهالة بالصفة وإنما اختص بفساد العقد في العوض .
فأما وجها الموافقة :
فأحدهما : أن يكون العوض فيهما معلوماً في الذمة ، لأن العوض في الكتابة لا يكون إلا في الذمة . والعلم به يكون من ثلاثة أوجه : يكون بذكر جنسه من دراهم ، أو دنانير ، أو ثياب ، أو عبيد ثم يذكر صفته ، فيصف الجنس بأوصاف السلم إلا في الدراهم فيكون إطلاقها محمولاً على الأغلب من نقد البلد ، ثم يذكر القدر فإن كان موزونا ذكر وزنه إن كان مكيلا ذكر كيله وإن كان معدوداً ذكر عدده .
فإذا اجتمعت هذه الأوصاف الثلاثة في العوض صار حينئذ معلوماً فصحت به الكتابة .
والثاني : أن يكون الأجل معلوماً بالشهود والأهلة التي لم يجعل الله لأهل الإسلام أن يؤجلوا إلا بها فإن قدره بما يبطل به الأجل في البيع كالعطاء ، والحصاد بطلت به الكتابة .