الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج18-ص144
والفرق بين الصبي والبالغ في هذين الحكمين أن البالغ من أهل العقود ، فجاز أن يلتزم أحكامها ، وليس الصبي من أهل العقود فلم يلتزم أحكامها .
الا ترى أن البالغ لو هلك في يده ما قبضه عن بيع فاسد ضمنه بالقيمة .
ولو هلك في يد الصبي لم يضمنه ، كذلك وجب أن يفترقا في الكتابة .
قال الماوردي : قد ذكرنا اختلاف أهل التأويل في قول الله تعالى : ( إن علمتم فيهم خيراً ) وأن الشافعي تأول الخير المراد في العبد الاكتساب مع الأمانة ، ليكون بالاكتساب قادرا على الأداء ، وبالأمانة قادرا على الوفاء .
وإذا كان كذلك فلا يخلو حال العبد في الكسب والأمانة إذا طلب الكتابة من أربعة أحوال :
أحدها : أن يجتمعا فيه فيكون من أهل الكسب والأمانة فكتابته ندب فيستحب للسيد أن يجيب إليها ، وهي التي أوجبها من مال بوجوب الكتابة .
والحال الثانية : أن يعدما فيه ، فلا يكون من أهل الكسب ولا من أهل الأمانة فكتابته مباحة لا تجب ولا تستحب وهي إلى المنع من الجواز أقرب ، لأنه لعدم الكسب عاجز ولعدم الأمانة خائن ، وكرهها أحمد وإسحاق كما تكره مخارجة الأمة .
والحال الثالثة : أن يكون مكتسبا غير أمين فلا يستحب لعدم أمانته ، ولا تكره لوجود قدرته .
والحال الرابعة : أن يكون أمينا غير مكتسب ، فلا تستحب لعدم كسبه وظهور عجزه ولا تكره لأمانته ، وأنه قد يراعى لأجلها من سهم الرقاب في الزكاة وكان بعض أصحابنا يقدم في الاختيار مكاتبة الأمين غير المكتسب على مكاتبة المكتسب غير الأمين ، لأن ذا الأمانة معان ولا فرق في الكتابة بين العبد والأمة استشهاداً ببريرة ولصحة العتق فيهما وجواز الاكتساب منهما .
قال الماوردي : لأن الكتابة عقد معاوضة فلم تصح إلا بعوض معلوم وأجل