پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج18-ص143

الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيراً ) قال : ولا يكون الابتغاء من الأطفال ولا المجانين ولا تجوز الكتابة إلا على بالغ عاقل ) .

قال الماوردي : لا تصح كتابة العبد حتى يكون بالغا عاقلا فإن كان صبيا أو مجنونا لم تصح كتابته ، ووافق أبو حنيفة في المجنون وخالف في الصبي فجوز كتابته إذا كان مميزاً بناء على أصله في جواز تصرف الصبي بإذن وليه .

والدليل عليه قول النبي ( ص ) ‘ رفع القلم عن ثلاثة : عن الصبي حتى يحتلم وعن المجنون حتى يفيق ‘ ولأنه غير مكلف فلم تصح كتابته كالمجنون وكالصبي الذي لا يميز الخبر والأصل الذي بناه عليه مدفوع .

فإن قيل : فلم لا تجوز كتابته كما يجوز تدبيره ؟

قيل : للفصل بينهما بأن التدبير يجوز أن ينفرد به السيد ، ولا يراعى فيه قول المدبر ، فلم يراع فيه البلوغ .

والعقد ، والكتابة ، لا يجوز أن ينفرد بهما السيد ، ويراعى فيهما قول المكاتب ، فروعي فيها البلوغ والعقل فإن كاتب عن الصبي أبوه لم يجز لعلتين :

إحداهما : أنه مملوك ولايته لسيده دون أبيه .

والثاني : أن الكتابة يملك بها التصرف في العقود والحقوق والصبي ممن لا يصح تصرفه في واحد منهما . والله أعلم .

فصل

فإذا ثبت أن كتابة الصبي لا تصح كالمجنون ، فكتابة السيد كانت كتابة باطلة ، وعتق فيها بالأداء لوجود الصفة ، لأن كتابته اشتملت على عقد وهو قوله : كاتبتك ، وعلى صفة وهو قوله : فإذا أديت إلي آخرها فأنت حر ، فإذا بطل حكم العقد بقي حكم الصفة ، فلذلك عتق بها . قال ابن أبي هريرة : وبطلان هذه الكتابة مع الصبي يسلبها حكم الصفة ، وحكم الفساد ، وتأثير هذا القول يكون في حكمين :

أحدهما : أن الصبي فيها إذا عتق بالأداء لم يرجع السيد عليه بقيمته إن كان المؤدى أقل منها ولا يرجع الصبي إذا عتق بالزيادة على القيمة إن كان المؤدى أكثر منها ، ولو فسدت الكتابة مع العبد البالغ العاقل استحق السيد عليه قدر قيمته فإن كان المؤدى اكثر منها رد الزيادة . وإن كان اقل منها رجع بالبقية .

والحكم الثاني : أن الصبي إذا عتق فيها بأداء مال الكتابة وبقي في يده فضل كان للسيد أن ينتزعه منه ، ولو كان بالغا عاقلا لم يكن له انتزاعه منه .