الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج18-ص141
ويدل على جوازها من السنة حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ، أن النبي ( ص ) قال : ‘ المكاتب عبد ما بقي عليه من كتابته درهم ‘ .
وروى سهل بن حنيف أن النبي ( ص ) قال : ‘ من أعان غارماً ، أو غازيا ، أو مكاتبا في كتابته أظله الله في ظله ولا ظل إلا ظله ‘ .
وروى الشافعي عن سفيان عن الزهري عن نبهان مولى أم سلمة رضي الله عنها أنها كاتبته وقالت له : كم بقي عليك قال : قلت : ألف درهم . قالت : فعندك ما تؤدي .
قلت : نعم . قالت : إدفعها إلى فلان ، ابن أختها ، ثم القت الحجاب ، وقالت : السلام عليك – هذا آخر ما تراني – سمعت رسول الله ( ص ) يقول : ‘ إذا كان لإحداكن مكاتب وكان عنده ما يؤدي فلتحتجب منه ‘ .
ويدل عليه من فعل الصحابة ما روي أن بريرة كوتبت على تسع أواق تؤدي في كل عام أوقية .
وكاتب عبد الله بن عمر عبداً له على خمسة وثلاثين ألف درهم .
وكاتب أنس بن مالك مولاه سيرين أبا محمد على مال ترك عليه منه خمسة آلاف درهم . قيل في أول نجومه .
وقيل : في آخرها : وانعقد الإجماع على جوازها ، وإنما اختلفوا في وجوبها إذا طلبها [ العبد من سيده ، فذهب عطاء بن أبي رباح ، وعمرو بن دينار ، وداود بن علي إلى وجوبها ، وأن يؤخذ بها السيد إذا طلبها العبد ] بقدر قيمته فما زاد استدلالا بقول الله تعالى : ( فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيراً ) [ النور : 33 ] وهذا أمر يقتضي الوجوب . ثم قال : ( وآتوهم من مال الله الذي آتاكم ) [ النور : 33 ] . والإيتاء واجب فكذلك الكتابة ، لأن صيغة الأمر فيهما واحدة .
ولأن سيرين سأل أنس بن مالك أن يكاتبه فأبى عليه فعلاه عمر بالدرة وقال : أما سمعت الله تعالى يقول : ( فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيراً ) [ النور : 33 ] فكاتبه ولأن العقود التي تفضي إلى صلاح النفوس قد يجوز أن يقع الإجبار فيها كالمضطر إلى طعام يجبر مالكه على بيعه لما فيه من صلاح النفس ، كذلك الكتابة المفضية إلى العتق يجوز أن يقع الإجبار عليها لما فيها من صلاح النفس . وذهب الشافعي وأبو حنيفة ومالك