الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج18-ص138
وأبلغ في صلاحه بعد موته . فأما ارتفاع القلم عنه فهو مرفوع حتما عليه ، لسقوط التكليف عنه وهو غير مرفوع فيما له ، لأنه تصح صلاته وصيامه فهو مثاب فيما له ، وغير معاقب فيما عليه ، وإمضاء تدبيره ووصيته من حقوقه التي يثاب عليها ، فصح وإن لم يصح منه تعجيل العتق لما ذكرنا من الفرق .
فأما السكران فإن كان سكره من غير معصية لإكراهه على الشر ب أو لشربه ما ظن انه غير مسكر فكان مسكراً فلا يصح تدبيره ولا وصيته ، لأنه بالسكر غير مميز كالمغمى عليه ، وإن كان سكره عن معصية لإقدامه مختاراً على شرب المسكر مع علمه أنه مسكر فأحكامه كأحكام الصاحي في نفوذ عتقه ، وصحة تدبيره ، ووقوع طلاقه ، وإن صح تخريج المزني عن الشافعي في القديم أن طلاقه لا يقع ولم يصح تدبيره ولم تنعقد وصيته وإن صح قول من فرق من أصحابنا بين ماله وعليه وقع طلاقه ، ولم يصح عتقه ولا تدبيره .
قال الماوردي : إذا صح من الصبي والسفيه التدبير صح منهما الرجوع في التدبير ، ويكونان فيه كالبالغ الرشيد وسواء كان رجوعهما فيه لحاجة ، أو غير حاجة ، فإذا صح الرجوع منهما لم يجز أن يباشر الرجوع فيه كالبيع ، لأن عقد البيع منهما لا يصح ولكن يأذنان لوليهما أن يبيع المدبر في حقهما ، فيكون بيع الولي عن إذنهما رجوعاً منهما .
فأما إن رجعا فيه بالقول مع بقائه على ملكهما ففيه قولان من اختلاف قوليه في صحة الرجوع بالقول مع بقائه على الملك .
فأما إذا أراد الولي أن يرجع في تدبيرهما فإن اراد الرجوع فيه بالقول مع بقائه على ملكهما ، لم يكن له ذلك قولا واحداً لأنه لا حجر عليهما في التدبير ، فلم يجز أن يبطله الولي عليهما وإن أراد بيعه عليهما فإن قصد به الرجوع في التدبير ، ولم يقصد المصلحة لهما ، لم يجز لما ذكرنا من أنه لا حجر عليهما فيه وإن باعه عليهما في مصلحتهما صح ، وإن أفضى إلى إبطال تدبيرهما ، لأنه مندوب إلى القيام بمصالحهما .