الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج18-ص137
قال الماوردي : المحجور عليهم في حقوق أنفسهم ثلاثة : الصبي ، والمجنون ، والسفيه .
فأما المجنون فلا يصح منه تصرف في قول ولا فعل لعدم تمييزه فلا ينفذ عتقه ، ولا يصح تدبيره ، ولا وصيته . وأما السفيه فتصرفه قبل الحجر عليه ماض ، كالرشيد في أفعاله وأقواله ، وسائر عقوده ، فيصح عتقه وتدبيره ووصيته فأما بعد وقوع الحجر عليه فلا يصح عتقه ، ولا كتابته ويصح تدبيره ووصيته ، لأن الحجر عليه لمصلحة ماله فلم يصح منه ما استهلكه في حياته ، ويصح منه ما عاد بمصلحة آخرته من تدبيره ووصيته ، وهو أشبه برشاده .
وأما الصبي فإن كان غير مميز ، لم يصح منه عتق ، ولا كتابة ولا تدبير ، ولا وصية وإن كان مميزاً مراهقاً ، لم يصح عتقه ولا كتابته لأمرين :
أحدهما : لحفظ ماله عليه .
والثاني : لأن القلم غير جار عليه .
فأما تدبيره ووصيته ففي صحتهما منه قولان :
أحدهما : لا يصح منه .
وبه قال أبو حنيفة ومالك هو اختيار المزني تعليلاً بارتفاع القلم عنه ، ولأنها عقد فأشبه سائر عقوده ، ولأنه مفض إلى العتق فأشبه مباشرة عتقه .
والقول الثاني : يصح تدبيره ووصيته تعليلاً بإفضائهما إلى مصلحته ، ولرواية عمرو بن سليم عن أمه أنها أتت عمر بن الخطاب رضي الله عنه فسألته عن غلام يافع واليافع المراهق الذي لم يبلغ ، وروي انه كان له عشر سنين وصى لابن عمه فأجاز عمر وصيته ، وليس يعرف له في الصحابة مخالف فكان إجماعاً ، ولأن من صح تمييزه لم يمنع الحجر عليه من تدبيره ، ووصيته كالسفيه . ولأن تدبيره أحفظ لماله في حياته ،