الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج18-ص134
قال الماوردي : يجوز تدبير الكافر كما يصح تدبير المسلم سواء كان ذمياً ، أو معاهداً ، أو حربياً ، لأن الكافر صحيح الملك كالمسلم لقول الله تعالى : ( وأورثكم أرضهم وديارهم وأموالهم ) [ الأحزاب : 27 ] فأضافها إليهم إضافة ملك وإذا ثبت لهم الملك صح منهم التدبير ، لأن التدبير عقد مفض إلى العتق . وعقودهم جائزة وعتقهم نافذ ، فإن دبر الحربي عبده في دار الحرب ، وقدم به دار الإسلام مدبراً ، أو دبره في دار الإسلام فتدبيره في الحالين صحيح ، فإن أراد الرجوع بمدبره من دار الإٍسلام إلى دار الحرب مكن منه ، ولم يمنع فإن امتنع المدبر أن يرجع إلى دار الحرب ، لئلا يسترق بعد موت سيده أجبر على العود معه ، لأنه في الحال عبده وإن دبره تجري عليه أحكام العبيد .
ولو كاتب عبده في دار الإسلام وأراد أن يحمله إلى دار الحرب فامتنع المكاتب لم يجبر .
والفرق بين المدبر والمكاتب : أن المدبر باق على ملك سيده وله الرجوع في تدبيره ، ويملك جميع أكسابه ، والمكاتب في حكم الخارج عن ملكه غير مالك لأكسابه ولا يجوز له الرجوع في كتابته ، فكان هذا الفرق مانعاً من الجمع بينهما في الرد .
فإن أراد الحربي أن يرجع في تدبير عبده ، كان كالمسلم له رجوعه إن رجع فيه بالفعل المزيل لملكه صح ، وإن رجع فيه بالقول مع بقائه على ملكه فعلى قولين ، وإذا عتق المدبر على الحربي بموته كان ولاؤه مستحقا لورثته كالمسلم .