الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج18-ص126
وهذا صحيح . يجوز لسيد المدبرة أن يطأها لما رواه الشافعي عن مالك عن نافع عن ابن عمر انه دبر جاريتين له ، فكان يطؤهما وهما مدبرتان . ولأن أحكام الرق على المدبرة جارية ، فجرى عليها في حكم الاستمتاع مجرى الرق .
ولأنه مالك لمنافعها ، والاستمتاع من منافعها كالاستخدام ، ولأن سبب العتق في أم الولد أقوى منه في المدبرة ، ولم يمنع الإيلاد من الاستمتاع فكان التدبير أولى .
فإن قيل : فهلا كان كالمكاتبة في منعه من الاستمتاع بها ، قيل : لوقوع الفرق بينهما من وجهين :
أحدهما : أن المكاتبة قد ملكت منافعها ، فلم يملك عليها الاستمتاع بها والمدبرة بخلافها في المنافع ، فكانت بخلافها في الاستمتاع .
والثاني : أن المكاتبة في حكم الخارجة عن ملكه ، لأنها تملك ارش من جنى عليها ، والمدبرة باقية على ملكه ، لأنه المالك لأرش الجناية عليها . فلهذين المعنيين ما افترقا فجاز استمتاعه بالمدبرة ولم يجز استمتاعه بالمكاتبة .
فإذا صح جواز استمتاعه بالمدبرة لم يكن وطؤه رجوعاً في التدبير ، لأنه مقو بسبب العتق إن أولد فلم ينافه ، فإن أولدها صارت أم ولد يلزم عتقها بموته من صلب ماله ، بعد أن كان من ثلثه ، وبطلان بيعها بعد أن كان له بيعها . قال أبو حامد الإسفراييني : وقد بطل التدبير بالإيلاد وليس هذا بصحيح ، لأنه قد طرأ على التدبير ما هو أغلظ ، فصار داخلاً فيه ، وغير مبطل له كطروء الجناية على الحدث يدخل فيها ، ولا يرتفع بها .