پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج18-ص124

قال الماوردي : وهو كما قال ، وليس يخلو جحود التدبير ، إذا ادعاه العبد أن يكون مع السيد أو مع وارثه .

فإن كان الجاحد للتدبير هو السيد ، فالمجحود مختص بعقد التدبير مع اتفاقهما على بقاء الوقت ، فإن أراد السيد بجحوده تعجيل بيعه ، لم يكن لجحوده تأثير تسمع به بينته ، أو يؤخذ فيه بيمين لأن له إبطال تدبيره ببيعه ، وإن اعترف به فلم يستفد العبد بدعوى التدبير ما يمنع من البيع ، وإبطال التدبير به وإن أراد أن يستبقيه على ملك ، سمعت دعواه على السيد بتدبيره لما يستفيده من العتق بموته ، فإذا جحد السيد تدبيره كان قوله في الجحود مقبولا ، لأنه منكر لعقد مدعى فإن جعل التدبير جارياً مجرى العتق بالصفة ، لم يكن جحود السيد رجوعا فيه ، لآنه لا يصح الرجوع فيه بالقول ، فلم يصح الرجوع فيه بالجحود وكلف العبد البينة . وبينته شاهدان عدلان ، ولا يسمع منه شاهد وامرأتان وإن سمعه أبو حنيفة ، ولا شاهد ويمين ، وإن سمعه مالك ، لأنها بينة على عقد تفضي إلى العتق ومذهب الشافعي أن العتق وما أفضى إليه لا يسمع فيه إلا عدلان .

فإذا أقام البينة ، حكم له بالتدبير ، وإن عدم البينة كان له إحلاف سيده بالله ما دبره ، وسقط حكم التدبير بيمنيه ، وإن نكل عن اليمين ردت على العبد . فإن حلف ثبت تدبيره ، وإن نكل بطل . وإن جعل التدبير جارياً مجرى الوصايا في جواز الرجوع فيه بالقول فقد اختلف أصحابنا هل يكون جحوده رجوعاً فيه أم لا ؟ على وجهين :

أحدهما : يكون رجوعاً فيه لاشتراكهما في المقصود ، فعلى هذا لا تسمع للعبد بينة ولا تجب على السيد يمين .

والوجه الثاني : وهو منصوص الشافعي لا يكون الجحود رجوعاً ، والبينة عليه مسموعة ، واليمين عليه واجبة .

قال الشافعي : ارجع في تدبيره ، وقد سقط عنك اليمين . فصرح بأن الجحود ليس برجوع ، لأن جحود الشيء لا يكون رجوعاً عنه ، ألا ترى أن جحود الردة لا يكون رجوعاً إلى الإسلام ، وجحود النكاح لا يكون إيقاعا للطلاق .

فصل

وإن كان الجاحد للتدبير ورثة السيد فهذا اختلاف في حريته ورقه ، فتسمع دعواه على الأحوال كلها سواء جعل الجحود رجوعاً في حق السيد ، أو لم يجعل ، لأن الرجوع في التدبير بعد الموت باطل . فإن كان للعبد بينة سمعت على التدبير لا على العتق ، لأن عتق التدبير حكم والبينة تسمع على ما أوجب الحكم لا على الحكم ، وإن عدم العبد البينة أحلف الورثة ، وكان واجباً عليه أن يحلفهم ، لئلا يسترق بعد عتق فإن حلف الورثة كانت يمينهم على العلم دون البت لأنه يمين نفي لفعل غيرهم ، وكانوا