الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج18-ص119
الأقاويل بأن يكون صحيحا فبه أقول . والثالث أن التدبير ماض لأنه لا يملك عليه ماله إلا بموته وقال في كتاب الزكاة إنه موقوف فإن رجع وجبت الزكاة وإن لم يرجع وقتل فلا زكاة وقال في كتاب المكاتب إنه إن كاتب المرتد عبده قبل أن يوقف ماله فالكتابة جائزة ( قال المزني ) أصحها عندي وأولاها به انه مالك لماله لا يملك عليه إلا بموته لأنه أجاز كتابة عبده وأجاز أن ينفق من ماله على من يلزم المسلم نفقته فلو كان ماله خارجاً منه لخرج المدبر مع سائر ماله ولما كان لولده ولمن يلزمه نفقته حق في مال غيره مع أن ملكه له بإجماع قبل الردة فلا يزول ملكه إلا بإجماع وهو أن يموت ) .
قال الماوردي : وجملة ذلك أن المرتد ، إذا دبر عبده في حال ردته ، كان تدبيره معتبرا بما توجبه الردة في ماله ، وتصرفه ، فأما ماله في بقائه على ملكه ، أو زواله عنه ، فقد حكى المزني عن الشافعي هاهنا ثلاثة أقاويل :
أحدها : أن ملكه بعد الردة موقوف مراعى لا يقطع بزواله عنه في المال ، ولا ببقائه عليه في الحال ، ويكون معتبراً بآخر أمريه . فإن عاد إلى الإسلام علم أن ملكه لم يزل بالردة ، وكان باقيا على ما كان قبله في حال إسلامه ، وإن قتل بالردة ، أو مات عليها علم أن ملكه زال عنه بالردة ، وهو الذي اختاره الشافعي واعتمد عليه .
ودليلنا معنيان :
أحدهما : أن ماله معتبر بدمه ، لأن استباحة دمه الموجبة لملك ماله ، فلما كان دمه موقوفاً على توبته وجب أن يكون ماله موقوفا على توبته .
والمعنى الثاني : انه لما كان ماله بعد الردة مترددا بين أن يسلم فيبقى عليه ، وبين أن يموت على الردة ، فيزول عنه ، شابه المريض في تصرفه في جميع ماله لما ترددت حاله بين الصحة فتمضي عطاياه وبين موته فترد إلى الثلث ، وصارت بذلك موقوفة ، وجب أن يكون المرتد بمثابته في الوقف .
والقول الثاني : أن ملكه باق عليه ما بقي حيا ، فإن مات مرتداً انتقل بموته إلى بيت المال فيئاً وإن مات بعد إسلامه انتقل إلى ورثته ميراثا ، وهو اختيار المزني ، وبه قال أبو يوسف ومحمد ودليله معنيان :
أحدهما : أن الردة موجبة لاستباحة الدم ، والاستباحة لا توجب زوال الملك مع بقاء الحياة ، كالقاتل والزاني .
والمعنى الثاني : انه لو زال ملكه عنه بالردة ، كما يزول ملك الحربي بالغنيمة ، لما عاد ملكه إليه إذا أسلم كما لا يعود ملك الحربي إليه إذا اسلم وفي بقائه على