الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج18-ص117
فإن قيل : فهلا كان قتله في التدبير كقتله في الرهن يجعل قيمته في التدبير مدبرة كما جعلت قيمته في الرهن مرهونة .
قيل : لوقوع الفرق بينهما من وجهين : أحدهما : أن المقصود في التدبير عينه ، وفي الرهن قيمته .
والثاني : أن القيمة تجوز أن ترهن في الابتداء ، ولا يجوز أن تدبر في الابتداء ، فكذلك في الانتهاء .
قال الماوردي : وهذا صحيح : إذا ارتد المدبر ، لم يزل ملك سيده عنه لبقائه على رقه بعد الردة ، وكان على تدبيره بعدها يعتق بموت سيده كما يعتق بموته في إسلامه ، فإن لحق بدار الحرب ، أو سباه أهل الحرب لم يملكوه بالسبي ، ووافقنا أبو حنيفة على أنهم لا يملكون المدبر ولا أم الولد ، وإن جعلهم مالكين لغيرهما من أموال المسلمين ، وعند الشافعي لا يملكون شيئا غنموه من أموال المسلمين بحال . فإن أوجف المسلمون على دار الحرب ، وسبوا هذا المدبر منها وهو على ردته ، لم يملكوه بالسبي ، ولم يجز أن يقسم في المغنم لبقائه على ملك مسلم ولسيده أخذه قبل القسمة ، وبعدها فإن قسم بين الغانمين قبل أخذه ، عوض عنه من حصل في سهمه بقيمته من بيت المال لا من مال سيده ، فإن تعذر أخذ قيمته من بيت المال نقضت القسمة واخرج منها واستؤنف قسم ما سواه بينهم لخروجه من الغنيمة ، وكان على تدبيره يعتق متى مات سيده ولو كان سيده قد مات ، وهو في دار الحرب قبل سبيه عتق ، ولم يملكه الغانمون إذا سبوه وإن كان حراً لأن عليه ولاء لمسلم فلم يجز أن يبطل ولاؤه بالاسترقاق .