پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج18-ص108

و ( متى ) و ( إذا ) بخلاف تعليقه بمشيئة العبد التي يختلف فيها حكم ( إن ) و ( متى ) والفرق بينهما : أن تعليقه بمشيئة زيد صفة يعتبر بوجودها فاستوى فيها قريب الزمان وبعيده ، وتعليقه بمشيئة العبد تمليك وتخيير ، فافترق فيه حكم قريب الزمان وبعيده . فإن أخر زيد المشيئة حتى مات السيد ، ثم شاء لم ينعقد التدبير ، وكان العبد على رقه بعد موت سيده ، لأن تعليق الحكم بالصفة هو شرط يتقدم على المشروط .

مسألة

قال الشافعي رضي الله عنه : ( ولو قال إذا مت فشئت فأنت حر أو قال أنت حر إذا مت إن شئت فسواء قدم المشيئة أو أخرها لا يكون حرا إلا أن يشاء ) .

قال الماوردي : وهذا عتق بصفة بعد الموت ، فإذا قال : إذا مت فشئت فأنت حر ، اعتبرت مشيئته بعد موت السيد ولم يكن لها تأثير قبل موته ، ومشيئته بعد الموت معتبرة بالفور في المجلس الذي علم فيه بموته ، وهل تكون مشيئة قبول ، أو مشيئة تخيير على ما ذكرناه من الوجهين ، ولا يكون هذا تدبيراً ، وإن كان الموت شرطاً في عتقه ، لأن التدبير هو العتق الواقع بالموت ، وهذا عتق يقع بصفة بعد الموت وهكذا لو قال : أنت حر إذا مت إن شئت ، كان عتقا بصفة بعد الموت تعتبر مشيئة العبد بعد موت سيده على الفور على ما ذكرناه من الوجهين ، فلو شاء قبل موت سيده ففيه وجهان :

أحدهما : من اختلاف أصحابنا في معنى قول الشافعي ( وسواء قدم المشيئة ، أو أخرها ) ، فذهب البغداديون إلى انه أراد سواء قدم المشيئة قبل الموت ، أو أخرها . بخلاف قوله : إذا مت فشئت ، لأن ( الفاء ) في المشيئة توجب التعقيب فعلى هذا يعتق ، إذا شاء قبل موت سيده ، ويكون هذا تدبيراً ولو لم يشأ إلا بعد موت سيده ، عتق وكان عتقا بصفة بعد الموت ؛ وذهب البصريون إلى انه أراد ، سواء قدم المشيئة في لفظه أو أخرها وتكون مشيئة معتبرة بعد الموت ، ولا تأثير لها قبل الموت فإن شاء بعد الموت عتق ، وإلا رق للورثة .

ولو قال السيد إذا مت فأنت حر متى شئت كانت مشيئته بعد الموت على التراخي ممتدة ، إلى أن يشرع الورثة في تنفيذ الوصايا ، وقسمة المواريث ، فتصير مشيئته على الفور معتبرة بجواب التخيير وجهاً واحداً ، ولا يعتبر فيه فور القبول . فمتى شاء في مجلس تخيره ، عتق وإلا رق إن أخر لما قدمناه من الفرق بين ( متى ) و ( وإن ) .

مسألة

قال الشافعي رضي الله عنه : ( ولو قال شريكان في عبد متى متنا فأنت حر لم يعتق إلا بموت الآخر منهما ) .

قال الماوردي : وأصل هذا أن التدبير يصح في العبد كله ، وفي بعضه من مالك الكل ، ومالك البعض ، فإذا قال الرجل لعبد بينه وبين شريكه : إذا مت فأنت حر ، عتق