پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج18-ص107

فيه ، عتق عليهم ، وإن لم يتصرفوا ، لأنهم بالقدرة عليه في حكم المتصرفين فيه ، إلا أن يحدث عذر يمنع من التصرف ، فلا يعتق عليهم إلا بعد زواله ، سواء كان العذر منهم كالمرض ، أو من غيرهم كالحبس فإن قدر على التصرف فيه بعضهم ، وعجز عنه بعضهم ، عتقت حصة القادر ، ووقفت حصة العاجز . وهكذا الدين يكون كالمال الغائب ، لا يعتق فيه إلا بعد قبض الورثة مثلي قيمته .

مسألة

قال الشافعي رضي الله عنه : ( ولو قال إن شئت فأنت حر متى مت فشاء فهو مدبر ) .

قال الماوردي : وهذا عقد تدبير بصفة ، وهي مشيئة العبد ومشيئته معتبرة على الفور ، دون التراخي .

واختلف أصحابنا : هل تعتبر في فورها مشيئة القبول في الشراء ، أو مشيئة الجواز في التخيير ؟ على وجهين :

أحدهما : يعتبر فيها مشيئة القبول في الشراء ، لأنه تمليك . فعلى هذا إن شاء العبد عقيب قول سيده ، انعقد تدبيره ، وإن أخره عنه لم ينعقد .

والوجه الثاني : تعتبر مشيئة الجواز في التخيير ، لأنه يحتاج إلى فكر ، فعلى هذا إن شاء العبد في المجلس من غير أن يشرع في غيره ، انعقد تدبيره وإن شرع في غيره ، أو قام عن مجلسه لم ينعقد . فلو قال العبد في المجلس : قد شئت ثم قال : لست أشاء ، انعقد تدبيره بالمشيئة الأولة . ولم يبطل بتركه لها . ولو قال ابتداء : لست أشاء ثم قال : شئت بطل التدبير ولم يثبت بالمشيئة الثانية اعتباراً بأسبقهما منه .

فصل

ولو قال له متى شئت فأنت حر ، إذا مت أو متى مت كان مشيئة العبد على التراخي في حياة السيد بخلاف ( إن ) و ( إذا ) ، لأن ( متى ) موضوعة للزمان ، فاستوى فيها جميع الأزمان و ( إن ) و ( إذا ) موضوعة للفعل ، فاعتبر فيها زمان الفعل فإن أخر العبد المشيئة ، حتى مات السيد ، ثم شاء لم يعتق . وإن كانت مشيئته على التراخي ، لأنها مشيئة في عقد التدبير والتدبير لا ينعقد بعد الموت .

ولو قال في حياة السيد : قد شئت ، ثم قال : لست أشاء ثبت التدبير بالمشيئة ولم يبطل بالرجوع المتأخر ، ولو قال : لست أشاء ثم قال : شئت ثبت التدبير بالمشيئة المتأخرة ، ولم يبطل بتركها المتقدم بخلاف ما تقدم ، لأن المشيئة هاهنا على التراخي . فراعينا وجودها متقدمة ومتأخرة ، وهناك على الفور فراعينا ما تقدم .

فصل

ولو قال السيد : إن شاء زيد فأنت حر إذا مت ، أو متى شاء زيد فأنت حر متى مت ، فمشيئة زيد على التراخي قبل موت السيد ، ويستوي في مشيئته حكم ( إن )