الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج18-ص103
وأما الجواب عن إلحاقه بأم الولد فهو أنها كالمستهلكة بالإحبال لسرايته إلى حصة الشريك ، ولأن عتق أم الولد لازم لاعتباره من راس المال كالديون ، وعتق التدبير غير لازم لاعتباره من الثلث كالوصايا فلهذين ما افترقا في جواز البيع .
وأما الجواب عن أن انتقال الاسم يوجب انتقال الحكم ، فهو انه موجب لزيادة حكم لم يكن قبل انتقال الاسم ، وقد وجدت الزيادة بعتقه بالموت ، ولم يلزم زوال أحكامه كما لم يلزم زوال استخدامه . فإذا ثبت جواز بيعه ، جازت هبته وجاز كتابته ، وجاز تعجيل عتقه .
فأما الرجوع في تدبيره مع بقائه على ملكه ، حتى لا يعتق بموته فسنذكره من بعد في موضعه .
قال الماوردي : وكلامه في هذه المسألة يشتمل على فصلين :
أحدهما : فيما يصير به مدبراً .
والثاني : فيما يكون في التركة معتبراً .
فأما الفصل الأول : في الألفاظ التي تكون بها مدبراً :
فألفاظ التدبير على ثلاثة اضرب : صريح ، وكناية ، ومختلف فيه هل هو صريح ، أو كناية .
فأما الصريح : فهو قوله : إذا مت فأنت حر ، أو أنت حر بموتي ، أو أنت حر بعد موتي ، لأنها ألفاظ لا احتمال فيها ، ولا فرق بين أن يعلقه بالموت ، أو بعد الموت ، إذا لم يكن بينه وبين الموت فاصل ، لأنه في الحالين واقع بعد الموت .
وأما الكناية : فهو أن يقول : إذا مت فأنت حرام ، أو مسيب أو مخلى ، أو مالك لنفسك ، أو لا سبيل لأحد عليك إلى نظائر هذه الألفاظ المحتملة .
فإن أراد بها العتق صار مدبراً ، وإن لم يرد بها العتق لم يكن مدبراً ، واعتبار الإرادة أن يكون مع لفظه فإن تجرد اللفظ عن الإرادة ثم أراده بعد انقضاء اللفظ ، لم يصر مدبراً ، لأن انفصال النية عن الكناية مبطل لحكم الكناية ، ويكون السيد هو المسؤول عن إرادته . هل أردت به العتق ، أو لم ترد ، ولا يسال هل أردت به التدبير ، أو لم ترد ، لأنه لما علقه بالموت توجه إلى التدبير ولم يتوجه إلى العتق الناجز ، ولكن لو أطلق هذه الألفاظ ولم يعلقها بالموت جاز أن يريد بها العتق الناجز وجاز أن يريد