الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج18-ص89
وأما الجواب عن قول عمر : ( السائبة ليومها ) ، فهو مجمل لا يثبت به شرع ، وحمله على مقتضى السنة أولى .
وأما حديث سالم ، فقد حكم أبو بكر وعمر رضي الله عنهما بدفع ميراثه إلى مولاته ، فلما امتنعت من ميراثه لم تجبر عليه ، لأنه حق لها ، وليس بحق عليها ، فوضعه حيث رأى من الوجوه والمصالح .
قال الماوردي : وهذا صحيح ؛ كل عتق نفذ على ملك للرق ثبت ولاؤه لمن عتق على ملكه ، سواء كان باختياره أو غير اختياره ، بقوله أو بفعله ، أو بغير قوله وغير فعله ، في حياته ، أو بعد موته ، بعوض ، أو بغير عوض ، فالمعتق باختياره أن يباشر عتق عبد قد استقر ملكه عليه ، فيقول له : أنت حر .
والعتق بغير اختياره أن يعتق شقصاً له من عبد ، فيسري إلى جميعه ، ويعتق عليه بغير اختياره ، وله جميع ولائه أو يرث أحد من يعتق عليه من والديه أو مولوديه ، فيعتق عليه بغير اختياره ، وله ولاؤه ، وعتق الحمل يعتق عليه بغير اختياره ، وله ولاؤه ، وعتق أولاد أم ولده من غيره يعتقون عليه بغير اختياره ، وله ولاؤهم .
وأما العتق بالفعل ، فهو أن يشتري من يعتق عليه ، فيعتق عليه بفعل الشراء ، وله ولاؤه ، وأم الولد تعتق عليه بالإيلاد إذا مات ، وله ولاؤها .
وأما العتق بالمعاوضة ، فعتق المكاتب بالأداء ، وله ولاؤه ، لأنه عتق على ملك ، وإن وصل فيه إلى العوض عن رقه ، لأنه أداة من كسبه .
روى معمر عن قتادة عن ابن المسيب أن النبي ( ص ) مر برجل يكاتب عبداً له ، فقال له النبي ( ص ) : ( اشترط ولاءه ) يعني أعلمه ، فدل على استحقاق ولائه ، فلو كاتب المكاتب عبدا ، وعتق الثاني ثم عتق الأول ، فولاء الأول لسيده ، وفي ولاء الثاني قولان :
أحدهما : للسيد .
والثاني : للمكاتب الأول .
فأما العتق بالموت ، فعتق أم الولد المدبر وله ولاؤهما لعتقهما على ملكه .