الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج18-ص84
قال الماوردي : وهذا هو الثالث المختلف في استحقاق الولاء عليه ، وهو الكافر إذا أسلم على يد رجل لم يثبت عليه في قول الجمهور ولاء لمن أسلم على يديه ، سواء عقل عنه أو لم يعقل .
وحكي عن حماد بن أبي سليمان والحكم بن عتيبة أن له ولاءه وله الرجوع فيه ما لم يعقل عنه ، فإن عقل عنه أو عن صغار ولده لم يكن له أن يرجع فيه .
وحكي عن أبي يوسف إن اقترن بالإسلام على يده موالاة توارثا وإن لم يقترن به موالاة لم يتوارثا .
وحكي عن عمر بن عبد العزيز والزهري أنه يرثه على الأحوال كلها احتجاجاً بما رواه الأحوص بن حكيم عن راشد بن سعد قال : قال رسول الله ( ص ) : ( من اسلم على يديه رجل فهو مولاه يرثه ويدي عنه ) .
وبرواية عبد الله بن موهب عن قبيصة بن ذؤيب عن تميم الداري انه قال : يا رسول الله ما السنة في الرجل يسلم على يدي الرجل ، فقال : هو أولى الناس بمحياه ومماته ) قالوا : وحق الممات استحقاق الميراث .
وروى القاسم بن عبد الرحمن عن أبي أمامة أن رسول الله ( ص ) قال : ( من أسلم على يديه رجل فله ولاوه ) .
قالوا : ولأن إنعامه عليه باستنقاذه من الكفر أعظم من إنعامه باستنقاذه من الرق ، فكان بولائه أحق .
ودليل الجمهور على أن لا ولاء عليه قول الله تعالى : ( وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه ) [ الأحزاب : 37 ] يعني زيد بن حارثة أنعم الله عليه بالإسلام ، وأنعم الرسول ( ص ) عليه بالعتق ، فكانت النعمة بالإسلام لله تعالى دون غيره ، وفرق بين النعمة بالإسلام وبين النعمة بالعتق ، فلم تجز التسوية بينهما .
وقال تعالى : ( يمنون عليك أن أسلموا قل لا تمنوا علي إسلامكم بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان ) [ الحجرات : 17 ] فكانت الهداية منه تعالى دون غيره ، ولأن النبي ( ص ) قال : ( وإنما الولاء لمن أعتق ) وليس هذا بمعتق ، ولأن إسلامه من نفسه بما علم من صحته ، فلم يكن لمن أسلم على يده تأثيره في معتقده ، ولأنه لو كان أخذ