الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج18-ص80
والثاني : ما رواه عبيد بن القاسم عن إسماعيل بن أبي خالد عن عبد الله بن أبي أوفى ، قال : قال رسول الله ( ص ) : ( الولاء لحمة كلحمة النسب لا يباع ولا يوهب ) . وإرسال هذا الحديث اثبت من إسناده .
ومن الدليل على ثبوت الولاء للمعتق ما اشتهر نقله في الأمة أن عائشة – رضوان الله عليها – أرادت شراء بريرة لتعتقها فاشترط مواليها الولاء لهم ، فأخبرت بذلك رسول الله ( ص ) فقال : ( اشتري واشترطي لهم الولاء ، ففعلت ) . فصعد المنبر فخطب ، وقال : ( ما بال أقوام يشترطون شروطا ليست في كتاب الله . كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل كتاب الله أحق وشرطه أوثق . الولاء لمن أعتق ) .
وأجمع المسلمون على استحقاق الولاء للمعتق لإنعامه بالعتق ، كما قال الله تعالى لرسوله ( ص ) : ( وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه ) [ الأحزاب : 37 ] يعني زيد بن حارثة أنعم الله عليه بالإسلام وأنعم الرسول ( ص )عليه بالعتق ، ولذلك سمي السيد المعتق : المولى المنعم ، وسمي العبد المعتق : المولى المنعم عليه ، لأن اسم المولى ينطلق على كل واحد من المعتق والمعتق فاحتاجا لاشتراكهما في اسم المولى إلى ما يتميزان به فقيل في تمييزهم ا مولى أعلى ومولى أسفل ، وقيل : مولى نعمة ، ومولى منعم عليه .
أحدها : الميراث . يرث به ما يرثه العصبات عند عدمهم ، فيرث الأعلى من الأسفل ، ولا يرث الأسفل من الأعلى في قول الجمهور ، وشذ عنهم طاوس ، فورث الأسفل من الأعلى كما ورثه الأعلى .
والثاني : العقل في تحمل دية الخطأ يعقل الأعلى عن الأسفل ، وفي عقل الأسفل عن الأعلى قولان للشافعي .
والثالث : الولاية في عقد النكاح ، والصلاة على الميت إذا عدم عصبات النسب قام المولى الأعلى فيه مقامهم ، ولا حق للمولى الأسفل فيه ، ولا يجب بالولاء نفقة ، ولا يثبت به من محرم ، وفي الميراث يستحقه الآباء ثم الأبناء يتقدمون به على من عداهم من العصبات ، والعقل لا يتحمله الآباء ولا الأبناء ويتحمله من عداهم من العصبات ، لرواية خصيف عن زياد بن أبي مريم أن امرأة أعتقت عبدا لها ثم توفيت ، وتركت ابنها وأخاها ثم توفي بعدها مولاها ، فأتى ابن المرأة وأخوها رسول الله ( ص ) في ميراثها فقال ( ص ) : ( ميراثه لابن المرأة ) ، فقال أخوها : يا رسول الله لو جر جريرة على من كانت ؟