الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج18-ص76
قال الماوردي : وهذا صحيح إذا ملك باختياره شقصا ممن يعتق عليه بالملك من والد أو ولد عتق ما ملكه منه كما يعتق عليه إذا ملكه كله ، وكان كمن اعتق شقصا له من عبد ، ويعتبر حاله بعد عتق الشقص عليه ، فإن كان موسراً لقيمة باقيه قوم عليه ، وعتق جميعه ، وإن كان معسرا به رق باقيه لمالكه ، وكان العتق بالملك ، وإن لم يتلفظ به جاريا مجرى عتق المباشرة إذا تلفظ به ، وسواء ملك الشقص بعقد معاوضة من بيع أو صلح أو ملكه بغير معاوضة من هبة أو وصية ، لثبوت ملكه في الحالين ، فاستويا في وقوع العتق ووجوب التقويم ، ولو كان محجوراً عليه بالسفه لم يصح أن يملكه بعقد معاوضة ، وصح أن يملكه بهبة أو وصية ، ويعتق عليه ما ملك منه ، وفي تقويم باقيه عليه إن كان موسراً به وجهان :
أحدهما : لا يقوم عليه ، لأنه بالحجر كالمعسر .
والوجه الثاني : يقوم عليه لاستحقاقه بالشرع كالنفقات وأروش الجنايات .
قال الماوردي : وهو كما قال : لأنه يملك بالميراث من غير اختيار ، فعتق عليه ما ورثه منه ، لدخوله في ملكه ، ولم يقوم عليه ما بقي منه لعدم اختياره ، كمن وصى بعتق عبده ، وخرج بعضه من ثلثه رق باقيه لورثته ، ولم يقوم عليهم في عتقه . لدخوله في ملكهم بغير اختيارهم . فلو ابتاع شقصاً من أبيه وهو لا يعلم أنه أبوه ، ثم علم ، عتق عليه ما ملكه منه ، وقوم عليه باقيه ، لأنه ملكه باختياره ، وعتق عليه باختياره والتقويم معتبر باختيار الملك ولا يعتبر باختيار العتق .
ولو غنم أبوه ، وهو أحد شركاء غانميه ، فإن لم يكن في الغنيمة غير أبيه أحد تعين حقه فيه ، فينظر فإن باشر غنيمته عتق عليه سهمه منه ، وقوم عليه باقيه ، لأنه قد ملكه باختياره ، وعتق عليه بغير اختياره ، وإن لم يعلم به ، وإن غنمه شركاؤه ، ولم يباشر غنيمته عتق عليه سهمه ، منه ، ولم يقوم عليه باقيه ، لأنه ملكه بغير اختياره ، وعتق عليه بغير اختياره .
وإن كان في الغنيمة غير أبيه ، فقد اختلف أصحابنا فيما يملكه الغانمون بحضور الوقعة ، وإجازة الغنائم على وجهين :
أحدهما : أنهم ملكوا بالحضور أن يتملكوا الغنيمة ، ولا يملكونها إلا بالقسمة فعلى هذا ينظر .