الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج18-ص70
والوجه الثاني : لا حق لهم في تعيين ما أبهمه ، لأن تعيين المبهم موقوف على خيار المعتق بحسب غرضه ، وهذا معدوم في ورثته ، فعلى هذا يعدل إلى تعيينه بالقرعة ، ويعتق منهم من قرع .
فأما ثلثا كسبه المستحق بالموقوف عنه ، فله أن ينفق منه على نفسه ثلثي نفقته ، وفي الباقي منه وجهان :
أحدهما : يكون موقوفاً معه ، فإن عتق باقيه كان له ، وإن رق كان للورثة ، لأن كسبه نفع له .
والوجه الثاني : أن يكون للورثة لئلا يمتنعوا من الانتفاع بالوقف ، فعلى هذا إن رق باقيه استقر ملكهم على ما أخذوه من كسبه ، لاستقرار ملكهم على رقه ، وإن عتق باقيه ، ففي وجوب رده عليه وجهان :
أحدهما : يرده الورثة عليه ، لأن كسب الحر لا يملك عليه .
والوجه الثاني : لا يلزمهم رده عليه ، لأن حكم الرق في حال الوقف أغلب من حكم الحرية ، فإن نض من الدين أو الغائب مائة ، وبقيت مائة عتق منه ثلث آخر ، وكان حكمه كحكم الثالث الأول ، وكان ثلثه موقوفاً على نض ما بقي ، ويمنع الورثة من بيع ما وقف منه ، ومن رهنه ، لأن الرهن موضوع للبيع . فأما إجارته ، فإذا راضاهم العبد عليها جاز ، وإن منعهم منها ، ففيها وجهان بناء على اختلاف الوجهين في كسبه : هل يكون موقوفاً أو لورثته .
أحدهما : يمنعون منها إذا جعل كسبه موقوفاً .
والوجه الثاني : يمكنون منها إذا جعل كسبه لهم ، فإن أعتقه الورثة ما وقف منه لم يعتق ، وإن ملكوه ، لأنه موقوف على عتق موروثهم ، فلم ينفذ فيه عتق غيره إلا بعد إبطال عتقه ، ولو دبروه كان في تدبيرهم وجهان :
أحدهما : باطل كالعتق .
والثاني : جائز لتأخير العتق به ، وتغليب حكم الرق عليه ، والله أعلم بالصواب .