پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج18-ص69

الوصية ، وكان للوارثين أن يسترقا من شهدا بعتقه في الوصية لعجز الثلث عنه .

مسألة

: قال الشافعي رضي الله عنه : ( ولو قال لعشرة أعبد له أحدكم حر سألنا الورثة فإن قالوا لا نعلم أقرع بينهم وأعتق أحدهم كان أقلهم قيمة أو أكثرهم ) .

قال الماوردي : وإطلاق قوله : لعشرة أعبد له ، أحدكم حر ، ولم يسمه ينقسم قسمين :

أحدهما : أن يقصد بإطلاقه تعيين العتق في أحدهم ، فهو الحر من بينهم ، ويرجع إليه في بيانه منهم ، فإن بينه ، فقال : هو سالم عتق ، وكان بيانه خبراً ، ورق من سواه .

فلو قال : هو سالم أو غانم رق من سواهما ، وأخذ ببيان من أراده منهما . ولو قال : هو سالم لا بل غانم عتقا معا ، لأنه صار راجعاً عن سالم ، ومقراً بغانم فلزمه إقراره ، ولم يقبل رجوعه ، ورق من عدا سالما وغانما من عبيده ، فإن أكذبه أحدهم ، وادعى أنه هو المعين بالعتق أحلف له السيد ، وكان على رقه ، وإن نكل السيد ردت اليمين على العبد ، فإذا حلف عتق ، فإن فات بيان السيد حتى مات رجع بعده إلى بيان ورثته إن كان عندهم بيان ، وقام بيانهم مقام بيانه ، لأنهم في ماله بمثابته ، وإن لم يكن عند الورثة بيان ، فمذهب الشافعي أنه يقرع بينهم ، ويعتق من قرع منهم ، ويسترق باقيهم ، لأن القرعة موضوعة لتمييز الحرية من الرق .

وذهب أصحابه إلى المنع من القرعة ، وتوقفهم على بيان قاطع ، لأن دخول القرعة يفضي إلى رق من أعتقه ، وعتق من أرقه ، وهذا فاسد ، لأن البيان فائت ، ووقوف أمرهم مضر بالحر في حق نفسه ، ومضر بالأرقاء في حقوق الورثة ، فلم ينتف الضرر في الجهتين إلا بالقرعة .

فصل

: والقسم الثاني : أن يبهم العتق فيهم ، ولا يقصد تعيينه في أحدهم ، فيؤخذ بتعيينه ، ويكون في التعيين على خياره ، فإذا عينه في أحدهم عتق ، ورق من سواه ، وسواء كان أكثرهم قيمة أو أقلهم ، فلو ادعى غيره التعيين لم تسمع دعواه ، لأنه في هذا التعيين مخبر وليس بمخير ، فلو قال عند التعيين : هو سالم لا بل غانم عتق سالم دون غانم بخلافه في القسم الأول ، لأن هذا تخيير في تعيين عتق قد لزم ، فإذا عينه في الأول سقط خياره في الثاني ، وليس كذلك حكمه في القسم الأول ، لأنه إخبار لا خيار له فيه ، فلم يسقط حكم خبره في واحد منهما ، فإن فات تعيينه للعتق بموته ، فقد اختلف أصحابنا : هل يقوم ورثته مقامه في التعيين ؟ على وجهين :

أحدهما : يقومون مقامه فيه ، ولهم أن يعينوا ما أبهمه من العتق فيمن أرادوا ، لأنهم يقومون مقامه في حقوق الأموال .