پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج18-ص64

وإنما سلكت هذه الطريقة وعدلت عن حساب الجبر ، لأنه ربما خفي على من لم يأنس به من الفقهاء . وبالله التوفيق .

مسألة

قال الشافعي رضي الله عنه : ( ولو قال في مرضه سالم حر ، وغانم حر وزياد حر ثم مات فإنه يبدأ بالأول فالأول ما احتمل الثلث لأنه عتق بتات ) .

قال الماوردي : وهذا صحيح : عتق المريض وعطاياه معتبرة من ثلثه في حقوق الورثة ، ومن جميع ماله في حقوق نفسه ، فإن صح من مرضه غلب فيها حق نفسه ، فلزم جميعها ، ولم يكن له أن يرجع في شيء منها ، وإن استوعبت جميع ماله .

وإن مات من مرضه غلب فيها حقوق الورثة ، فردت إلى الثلث ، وكان لهم رد ما زاد على الثلث إن لم يجيزوه ، فإذا جمع في مرضه الذي مات فيه بين عتق وعطايا ، وعجز الثلث عن جميعها قدم من ثلثه ما قدمه في حياته من عتق أو عطية ، فإن قدم العتق ، واستوعب به جميع الثلث أبطلت عطاياه في حقوق الورثة .

وإن قدم العطايا ، واستوعب بها الثلث أبطل بها العتق تغليباً لحكم أسبقها ، عتقا كان أو عطية . وقال أبو حنيفة : إن كان في العطايا محاباة في عقد معاوضة قدمت على جميع العتق . والعطايا ، وإن تأخرت ، وإن لم يكن فيها محاباة قدم الأسبق ، فالأسبق من العطايا أو العتق ، فخالف في المحاباة ، ووافق فيما سواها ، احتجاجا بأن المحاباة معاوضة فكان حكمها أقوى ، وألزم من غيرها .

ودليلنا : هو أن ما تقدم اتخاذه ، ووجب أن يقدم تنفيذه ، كما لو كان كل العطايا محاباة أو كلها غير محاباة ، وليس لاحتجاجه بأن المحاباة معاوضة وجه ، لأن المعاوضة تختص بما ليس فيه محاباة ، ولذلك لزم ، ولم تسقط ، والمحاباة عطية محضة ، ولذلك سقطت ولم تلزم .

فصل

فإذا استقر هذا الأصل في تقديم الأول فالأول ، فبدأ بالعتق ، فقال : سالم حر ، وغانم حر ، وزياد حر ، ثم وهب وحابى قدمنا ما بدأ به من عتق سالم ، فإن استوعب الثلث أبطلنا عتق غانم وزياد من غير قرعة ، سواء أعتقهم بلفظ متصل أو بألفاظ منفصلة ، وسواء قرب ما بينهم أو بعد ، تعليلا بالتقدم ، فاستوى فيه القريب والبعيد . ولو اتسع الثلث بعد عتق سالم لعتق غيره أعتقنا بعده غانماً ، لأنه الثاني بعد الأول ، فإن استوعب الثلث أبطلنا عتق زياد .

وإن اتسع الثلث بعد سالم وغانم لعتق ثالث أعتقنا زياداً ، فإن استوعب الثلث أبطلنا ما بعدهم من الهبات والمحاباة .

وإن اتسع الثلث بعد عتقهم لهباته أو محاباته قدمنا في بقية ثلثه ما قدمه من هبة