الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج18-ص32
والنص الوارد فيه برواية عمران بن الحصين أن رجلا أعتق ستة أعبد له عند موته ، وليس له مال غيرهم ، فبلغ ذلك رسول الله ( ص ) فدعاهم ، وجزأهم ثلاثة أجزاء ، فأعتق اثنين وأرق أربعة ، وهذا نص يدفع كل خلاف .
فإن أعتق المريض شركاً له في عبد كان عتقه معتبرا من ثلث ماله ، كما يكون عتق الصحيح من كل ماله ، ويسري عتقه إلى حصة شريكه إذا احتملها الثلث ، كما يسري عتق الصحيح إذا احتمله كل ماله . وإذا كان كذلك لم يخل حال الثلث من خمسة أقسام :
أحدها : أن يتسع الثلث لعتق المباشرة ، وعتق السراية ، فينفذ العتق في جميعه بالمباشرة ثم بالسراية ، ويؤخذ من ثلثه قيمة حصة الشريك ، ويكون له جميع ولائه .
والقسم الثاني : أن يعجز الثلث عن عتق المباشرة ، وعتق السراية لاستحقاق تركته في دينه ، ويرد عتقه في جميعه بالمباشرة ، وبالسراية ، ويعود إلى الرق ، ويباع في الدين .
والقسم الثالث : أن يتسع الثلث لأحد المعتقين ، ويعجز عن الآخر ، فيجعل الثلث مصروفاً في عتق المباشرة دون عتق السراية ، لأن عتق المباشرة أصل وعتق السراية فرع كعتق المعسر .
والقسم الرابع : أن يتسع الثلث لأحدهما ، وبعض الآخر ، فيكمل عتق المباشرة ، ويجعل النقص في عتق السراية كعتق من أيسر ببعض حصة شريكه .
والقسم الخامس : أن يتسع الثلث لبعض أحدهما ، ويعجز عن الباقي ، فيجعل البعض نافذاً في عتق المباشرة ، ويرد الباقي في عتق المباشر ، ويبطل عتق السراية ، فلو قال الورثة : نحن نمضي عتق المباشرة ، ونغرم عتق السراية كان لهم تكميل العتق في المباشرة ، ولم يكن لهم تجاوزه إلى عتق السراية ، لأن المعتق معسر به ، وهو لو أراد ذلك في جناية منع ، فكان ورثته بالمنع أحق .
قال الماوردي : وهذا صحيح : إذا وصى بعتق شرك له في عبد أن يعتق عنه بعد موته ، كان عتق حصته معتبرا في ثلثه ، ومستحق تحريرها على ورثته ، ولا يعتق عليه بالموت حتى يعتقها الورثة عنه ، لو قال : إذا مت ، فنصيبي منه حر عتق عليه بالموت ، ولم يعتبر فيه عتق الورثة له لأنه جعل الموت في هذا صفة للعتق ، وجعل