الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج18-ص21
قال الماوردي : إنما يريد بيسار المعتق أن يكون مالكا لقدر قيمة الباقي من رقه ، وليس عليه فيه حق لغيره فاضلة عن قوته وقوت عياله في يومه وليلته ، وسواء صار بعد دفع القيمة فقيرا أو كان غنيا .
فإذا تحرر عتق باقيه بدفع القيمة على الأوقاويل كلها ، وكان له ولاء جميعه بعتق المباشرة وعتق السراية واستحقاق الولاء بهما على سواء ، لقول النبي ( ص ) ‘ والولاء لمن أعتق ‘ وهو معتق بالمباشرة والسراية ، وسواء تماثل العتقان ، أو تفاضلا ، وأنه يسري عتق اليسير إلى الكثير كما يسري عتق الكثير إلى اليسير ، واعتبار يساره وإعساره وقت العتق .
فلو كان موسراً وقت العتق معسراً وقت التقويم فإن قيل : إن العتق يسري باللفظ لم يؤثر فيه حدوث اعتباره ، وكانت القيمة دينا عليه يؤخذ بها إذا أيسر . وإن قيل : إنه لا يعتق إلا بدفع القيمة ، فما لم يحاكمه الشريك فيها ، كانت حصته على وقفها ، وإن حاكمه فيها وطلب القيمة ، أو فسخ الوقف ليتصرف في حصته ، كشف عن حال المعتق ، فإذا ثبت عنده إعساره ، حكم بفسخ الوقف كما يحكم للزوجة بفسخ النكاح إذا أعسر الزوج وجاز للشريك أن يتصرف في حصته بما شاء من بيع أو غيره ، ولو كان موسرا ببعض الحصة معسرا ببعضها ، عتق عليه من الحصة قدر ما أيسر بقيمته ، وكان فيما أعسر به منها في حكم المعسر .
قال الماوردي : وهذا صحيح ، والمعتبر بإعساره أن لا يملك قيمة الحصة الباقية لشريكه ، ولا قيمة شيء منها وقت عتقه ، فإن ملكها وعليه دين قد استحق فيها يصير باستحقاقها في الدين معسرا بها فهذا على ضربين :
أحدهما : أن يكون الدين مؤجلا لا يستحق تعجيله فيجري عليه حكم اليسار في عتق الحصة عليه ، لأن في يده ما هو مقر على ملكه .
والضرب الثاني : أن يكون الدين حالا ففيه قولان من اختلاف قوليه في الدين هل يمنع من وجوب الزكاة في العين ؟ :
أحدهما : يجري عليه حكم اليسار ، إذا قيل إن الدين لا يمنع من وجوب الزكاة في العين .
والقول الثاني : يجري عليه حكم الإعسار إذا قيل إن الدين يمنع من وجوب