الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج18-ص20
والقسم الثالث : أن يكون أحدهما مسلما والآخر كافراً ، فللعبد حالتان :
إحداهما : أن يكون كافراً ، فيستوي فيه حكم الشريكين ، سواء كان المعتق مسلما أو كافرا وسواء كان معسرا أو موسراً .
والحال الثانية : أن يكون العبد مسلما فلا يخلو حال معتقه منهما أن يكون هو المسلم ، أو الكافر .
فإن كان هو المسلم ، عتقت حصته ، وكان له ولاؤها فإن كان موسراً قوم عليه باقيه .
فإن قيل بنفوذ عتقه بسراية لفظه ، وقفت القيمة على مطالبة الشريك بها .
وإن قيل إن عتقه لا يسري إلا بدفع القيمة ، أخذ بتعجيلها لأن يتعجل عتقها ، ولا يستديم الكافر ملك رقها . وإن كان معسرا لم يسر عتقه ، وقيل للشريك الكافر لا يقر ملكك على استرقاق مسلم ، وأنت بين خيارين : إما أن تعتقه ، أو تبيعه على مسلم ، فإن دبره لم يقر تدبيره لما فيه استيفاء رقه مدة حياته ، وإن كاتبه ففي إقراره على كتابته قولان ، وإن كان المعتق هو الكافر نفذ عتقه في حصته ، ونظر فإن كان معسرا لم يسر عتقه وأقر رق باقية على ملك الشريك المسلم وإن كان موسرا .
فإن قيل بسراية عتقه بلفظه ، عتقت عليه وكان فيها كالمسلم ، لأنه يغرم قيمة متلف ، يستوي فيه المسلم والكافر .
وإن قيل : إن عتقه لا يقع إلا بدفع القيمة ، فقد اختلف أصحابنا في هذا التقويم ، هل يجري مجرى البيع ، أو مجرى قيمة مستهلك ؟ على وجهين : أحدهما : وهو قول المزني ، وبعض المتأخرين ، أنه تقويم مستهلك . فعلى هذا يقوم عليه كتقويمه على المسلم . ويؤخذ بتعجيل القيمة ليتعجل بها العتق .
والوجه الثاني : وهو قول شاذ من المتأخرين أنه يجري مجرى البيع ، فعلى هذا يكون جواز تقويمه في حق الكافر على قولين من ابتياع الكافر لعبد مسلم :
أحدهما : يبطل البيع ، ويبطل التقويم ، ويكون ملك رقه باقيا على الشريك المسلم .
والقول الثاني : لا يبطل البيع ، ولا يبطل التقويم ، ويعتق في حق الكافر كما يعتق في حق المسلم ، وهذا أظهرهما في التقويم . والأول أظهرهما في البيع ، لإفضاء التقويم إلى العتق وإفضاء البيع إلى الملك .