الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج18-ص11
قطع به في أربعة مواضع ، أولى من أحد قولين لم يقطع به ، وهذا الذي حكاه عن الشافعي وقطع به في أربعة مواضع ، إن كان منه قطعا بصحته كان تحقيقا لمذهبه وعدولا عن غيره ، وإن كان قطع به ، لأن ذكره فيها ، ولم يذكر غيره ، فقد تقدم الجواب عنه ، والمزني عدل فيما رواه معمول بما حكاه ، والظاهر من روايته القطع بصحته ، فلا امتناع من تصحيحه على مذهبه . والفصل الخامس : قال المزني ، وهو القياس على أصله في القديم ، أن العتق يوم تكلم بالعتق ، حتى أقرع بين الأحياء ، والأموات ، فهذا بقوله أولى . فيقال له .
أما القرعة بين من أعتقهم في مرضه إذا عجز الثلث عن قيمتهم بعد موته ، واجبة ، وخروجها لأحدهم ، موجب لتقدم عتقه في حياته ، ولو مات أحدهم ، وخرجت عليه القرعة بعد موته ، بان أنه كان حرا قبل موته ، وهذا مما لا يختلف فيه مذهبه ، وليس فيه دليل على عتق حصة الشريك قبل أخذ قيمته ، وقوع الفرق بينهما ، فإن عتقه في المرض صادف ملكه ، فوقع وإنما دخلت القرعة لاسترقاق ما عجز عنه الثلث ، فصار العتق متقدما ، واستدراكه بالعجز متأخرا ، وليس كذلك عتقه في حصة الشريك ، لأنه عتق سرى إلى غير ملكه ، فلم تستقر السراية إلا بدفع بدله ، لئلا يزال ملكه المستقر بغير بدل مستقر ، ثم يستخرج من معنى العتق في المرض دليل عليه أن العتق في حصة الشريك لا يقع إلا بدفع القيمة بأن العتق في المرض لما لم يتحرر إلا بأن يجعل للورثة ، مثلا قيمته وجب أن لا تعتق حصة الشريك ، إلا بأن يصل إلى قيمته فيصير ما ذكره دليل عليه .
الفصل السادس : قال المزني : وقد قال الشافعي : فإن أعتق الثاني ، كان عتقه باطلا ، وفي ذلك دليلا على أنه لو كان ملكه بحالة العتق ، بإعتاقه إياه ، قيل : قد ذهب أبو علي بن أبي هريرة إلى أن عتق الشريك لا يقع إذا قيل أن حصته قد عتقت على المعتق بلفظه ، ويعتق على الشريك إذا قيل إن حصته لا تعتق إلا بدفع القيمة ، فخلص من هذا الاعتراض ، والذي عليه جمهور أصحابنا ، وهو الظاهر من منصوص الشافعي ، أن عتق الشريك لا يقع على الأقاويل كلها ، لأنه إن قيل أن العتق قد سرى إلى حصته ، فقد أعتق بعد زوال ملكه . وإن قيل : إن العتق لا يسرى إليها إلا بعد دفع القيمة ، فقد تعلق بها للمعتق حق السراية ، واستحقاق الولاء ، فأوقع على الشريك في ملكه حجراً منع من التصرف فيه بعتق وغيره ، والحجر يمنع من وقوع العتق مع ثبوت الملك ، كالأمة إذا أعتقت تحت عبد فطلقها قبل الفسخ ، لم يقع طلاقه في الحال ، وإن كان مالكا للبضع لما في وقوع طلاقه من إبطال حق الزوجة من الفسخ ، وصار حقها فيه موقعا للحجر عليه في طلاقه ،