الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص405
قال الماوردي : وصورة هذه المسألة في مسبي من بلاد الشرك استرقه مسلم وأعتقه فصار له عليه الولاء ، ثم قدم من بلاد الشرك من ادعى نسبه ، فإن اقترن بدعواه بينة عادلة من المسلمين تشهد له بما ادعاه من النسب على الوجه الجائز في الإسلام ، حكم بها وثبت النسب بينهما سواء كان مدعيه يدعي نسبا ، أعلى كالأبوة ، والإخوة ، أو نسبا أسفل كالبنوة .
وإن عدم مدعيه البينة لم يخل حال المدعي ومن عليه رق ، أو ولاء من أربعة أحوال :
أحدها : من أن يصدقاه على النسب فيثبت النسب بينهما في الأعلى من الأبوة ، والأسفل من البنوة .
والحالة الثانية : أن ينكراه ، أو يكذباه ، فلا نسب وليس له إحلاف واحد منهما ، أما العتق ، فلأن إقراره لا ينفذ مع إنكار معتقه ، وأما معتقه فيلتزم الدعوى على غيره .
والحالة الثالثة : أن ينكره المعتق ، ويصدقه معتقه . فلا نسب له ، وله إحلاف المعتق بعد تصديق معتقه ، لأنه لو أقر له بالنسب ثبت .
والحالة الرابعة : أن يصدقه المعتق ، ويكذبه معتقه . فلا يخلو مدعي النسب من أحد أمرين : إما أن يدعي نسبا أعلى ، أو نسبا أسفل . فإن ادعى نسبا أعلى كالأبوة والإخوة ، لم يثبت النسب بينهما مع التصديق ، الأثر وتعليل :
أما الأثر : فأثران أحدهما ما روى الشعبي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كتب إلى شريح أن لا تورث حميلا إلا ببينة .
والثاني : ما رواه حبيب بن أبي ثابت أن عثمان بن عفان رضي الله عنه جمع أصحاب رسول الله ( ص ) واستشارهم في ميراث الحميل ، فأجمعوا أن لا يورث حميل إلا ببينة .
فصار هذا الأثر الثاني إجماعا .
وأما التعليل : فلأن معتقه لما استحق بولائه عليه أن يرثه ، وكان لحوق النسب يدفعه عن الميراث ، لتقديم الميراث بالنسب على الميراث بالولاء ، لم يكن لهما إبطال حق بصفة من ميراث الميتين بإقرار مظنون محتمل .