الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص404
فإن ادعاه ولدا ، سمعت دعواه إذا مكنت ، ولحق به ولدا وناسب جميع من ناسبه مدعيه ، من آبائه وأبنائه ، وإخوانه ، وأعمامه ، سواء صدقوه عليه أو خالفوه . فإن كان مسلما أجري على اللقيط حكم الإسلام ووجب حفظ نسبه في حقه ، وإن لم يجب في حق المدعي ، وإن كان كافرا فوجهان :
أحدهما : يجري عليه حكم الإسلام ، ويمنع منه قبل البلوغ ، لئلا يلقنه الكفر .
والوجه الثاني : يجري على حكم الكفر ، ولم يجب حفظ نسبه ، لا في حقه ولا في حق المدعي ، ولم يمنع منه ما كان في دار الإسلام فإن أراد أن يخرج به إلى دار الحرب ، منع منه قبل بلوغه لجواز أن يصف الإسلام ، إذا بلغ ولم يمنع من إخراجه بعد بلوغه إذا أجبر على الكفر .
وإن ادعاه أخا ، ولم يدعيه ولدا ، ردت دعواه إن كان أبوه باقيا ، وكان الأب أحق بالدعوى منه ، سمعت إن كان ميتا ، ولم يكن لأبيه وارث سواه ، ولا يسمع إن ورثه غيره ، حتى يتفقوا عليه ، ثم إذا سمعت على هذا التفصيل ، وألحق به أخا ، صار مناسبا لجميع من ناسبه ممن علا وسفل من عصبات ، وذوي أرحام وأجري عليه في الإسلام ، والكفر ما ذكرناه .
ولو ادعى نسب بالغ مجهول النسب ، لم يثبت عليه رق ، ولا ولاء كانت دعواه على تصديقه ، فإن أنكر وعدم البينة لم يلحقه نسبه ، وإن صدقه لحق به نسبه بالدعوى ، والتصديق ولهما أربعة أحوال :
أحدها : أن يكونوا مسلمين فحفظ نسبهما واجب في الجهتين .
والحال الثانية : أن يكونا كافرين ، فحفظ نسبهما غير واجب في الجهتين ، إلا أن يكونا في الدعوى قد تنازعا إلى حاكم حكم بينهما بلحوق النسب ، فيجب حفظه لتنفيذ الحكم ، وإن لم يجب في حق النسب .
والحال الثالثة : أن يكون مدعيه مسلما . وهو يقر بالكفر ، فإن كان مولودا على الإسلام امتنع أن يكون ولده كافرا ، وقيل : الآن أنت بتصديقك له على الأبوة مسلم ، وادعاؤك الكفر يجري عليه حكم الردة . فإن أسلمت وإلا قتلت ، وإن كان الأب من ولادة الشرك ، وأسلم بعد البلوغ ، فاحتمل أن يكون مولودا له قبل إسلامه ، أقر الولد على كفره ، ووجب حفظ نسبه في حق أبيه ، دون حقه .
والحالة الرابعة : أن يكون مدعيه كافرا ، وهو مسلم وليس يمتنع أن يكون للمسلم أب كافر ، ولذلك جاز أن يلحق نسبه بكافر ويجري على كل واحد منهما حكم دينه ، ووجب حفظ نسبه في حقه ، وإن لم يجب في حق الأب .