پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص400

اليوم أجنبيات ، وكن له بالأمس أخوات ، فأبطل الشافعي عليهم بهذا ما قالوه من انقطاع أبوته بالموت ، فقال بنات الميت منهم ما حكمهم مع الولد أيحللن له أم لا ؟ فقد كن له بالأمس أخوات فإن قال : يحللن بطل أن يكن بالأمس أخوات محرمات ويصرن في اليوم أجنبيات محللات ، وإن قال يحرمن ، بطل أن لا يكون له ، ولهن أب جامع بين نسبه ، ونسبهن ، ويصرن أجنبيات محرمات .

والوجه الرابع : مما قالوه في التوارث بينهم ، أنه إن مات جعلوا ميراثه بين جميعهم ، وأعطوا كل واحد منهم ميراث بعض أب ، وإن مات أحدهم أعطوه جميع ميراث أب تام ، فجعلوا كل واحد منهم بعض أب ، ولم يجعلوا كل واحد منهم بعض ابن .

فقال محمد رحمه الله للشافعي : كيف يلزمنا أن نورثه ، فقال الشافعي : يلزمك أن تورثهم في قولك : أن نورثه من كل واحد منهم سهما من مائة سهم من ميراث ابن ، كما نورث كل واحد منهم سهما من مائة سهم من ميراث أب ، فاعترض المزني على الشافعي رحمه الله في هذا الجواب فقال : ‘ ليس هذا بلازم لهم في قوله ؛ لأن جميع كل أب أبو بعض الابن وليس بعض الابن ابنا لبعض الأب دون جميعه .

ثم استشهد عليه فقال : ‘ كما لو ملكوا عبدا ، كان جميع كل سيد منهم مالكا لبعض العبد ، وليس بعض العبد ملكا لبعض السيد ، دون جميعه فشذ بعض أصحابنا فساعد المزني على اعتراضه ، ومنع فيما ألزمهم الشافعي على قولهم أن يكون لازما لهم ، تعليلا بما ذكره المزني ، وذهب جمهور أصحابنا إلى صحة إلزام الشافعي لهم ، وأبطل اعتراض المزني على الشافعي من وجهين :

أحدهما : أن أبا حنيفة رحمه الله يقول ما يبطل اعتراض المزني ، لأن عنده أن كل واحد من الأباء أب لكل الولد ، وكل الولد ابن لكل واحد من الأباء ، فبطل ما استشهد به المزني من اشتراك السادة في العبد الواحد .

والثاني : انه إذا كان بعض الولد ابنا لكل واحد من الأباء ، وجب إذا مات أحد الأباء ، أن لا يرثه من بعض البنين ما يكون مستحقا بجميع البنوة ، فصح ما قال الشافعي وفسد ما اعترض به المزني رحمه الله وإذا بطل إلحاق الولد بآباء ثبت استعمال القافة ، لأن الناس فيه على قولين : فوجب فساد أحدهما صحة الآخر ، وقد استشهد من علم القافة في إلحاق الأنساب ، ما يزيل لارتياب به ، فقد حكي أن رجلا شك في ابن له ، فسار به إلى ديار بني مدلج ومع الأب أخ له ، وهما على راحلتين ، والولد ماش ، فأعيا ، وأقبل صبي منهم فقال له الأب : اردف هذا الغلام بنا ، فنظر إليه واليهما ثم قال : أردفه بأبيه ، أو بعمه ؟ فقال : بأبيه . فأردفه به ، فعاد من فوره وزال ما كان في