الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص388
والقسم الثاني : أن لا يكون فيه شبه من كل واحد ، منهما فلا يكون في القيافة بيان ، ولا يجوز أن ينفي عنها ، لأن نسبة موقوف عليهما ، فيعدل إلى الوقف على الانتساب ، على ما سنذكره .
والقسم الثالث : أن يكون فيه شبه من كل واحد منهما فهذا على خمسة أضرب :
أحدها : أن يتماثل الشبهان ، ولا يترجح أحدهما على الآخر بشيء ، فلا يكون في القيافة بيان ، ويعدل إلى غيرها .
والضرب الثاني ، أن يتماثل الشبه بينهما في العدد ، ويختلفا في الظهور ، والخفاء ، يكون فيه من كل واحد منهما شبهان ، وهو في أحدهما ظاهر ، وفي الآخر خفي ، فيلحق بمن ظهر منه الشبه دون من خفي فيه .
والضرب الثالث : أن يتماثلا في الظهور ، والخفاء ، ويختلفان في العدد ، فيكون الشبه في أحدهما من ثلاثة أوجه ، وفي الآخر من وجهين ، فيلحق بمن زاد عدد الشبه فيه دون من قل .
والضرب الرابع : أن يكون الشبه في أحدهما أكثر عددا ، وأظهر شبها ، وهو في الآخر أقل ، وأخفى ، فيلحق بمن كثر فيه عدد الشبه ، وظهر دون من قل ، فيه وخفي ، وهو أقوى من الضربين المتقدمين .
والضرب الخامس : أن يكون أحدهما في الشبه أكثر عددا ، وأخفى شبها ، والآخر أقل عددا ، وأظهر شبها ، فيكون الشبه في أحدهما من ثلاثة أوجه خفية ، وفي الآخر من وجهين ظاهرين ، ففه وجهان :
أحدهما : يرجح كثرة العدد على ظهور الشبه ، فيلحق بمن فيه الشبه من ثلاثة أوجه خفية ، تغليبا لزيادة التشابه .
والوجه الثاني : يرجح ظهور الشبه على كثرة العدد ، فيلحق بمن فيه الشبه من وجهين ظاهرين ، تغليبا لقوة التشابه . فهذا أصل في اعتبار التشابه في القيافة ، وقد يختلف فطن القافة فمنهم من تكون فطنته من أعداد التشابه أقوى ، ومنهم من تكون فطنته في قوة التشابه أقوى ، فيعتمد كل واحد منهما على ما في قوة فطنته ، تغليبا لقوة حسه ، فإن كان القائف عارفا بأحكام هذه الأقسام ، جاز أن يكون فيها مخبرا ، وحاكما وإن لم يكن عارفا بأحكامها كان فيها مخبرا ، ولم يكن فيها حاكما ، ليحكم بها من الحكام من يعلمها ، ويجتهد رأيه فيها .