پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص387

فأما علمه بالقيافة ، فهو المقصود منه ، فلا بد أن يكون معتبرا فيه ومختبرا عليه ، واختباره فيه أن يجرب في غير المتنازعين ، بأن يضم ولد معروف النسب ، إلى جماعة ليس له فيهم أب ، ويقال له : من أبوه منهم ؟ ولا يقال ألحقه بأبيه منهم ، لأنه ليس له فيهم أب ، فإذا قال : ليس له فيهم أب ، ضمه ذلك الولد إلى جماعة له فيها أب ، وقيل له : ألحقه بأبيه منهم ، لأن له فيهم أبا ، فإن ألحقه بأبيه منهم ، عرف أنه عالم بالقيافة .

وإن أخطأ في الأول فألحقه بواحد منهم ، أو أخطأ في الثاني فألحقه بغير أبيه منهم ، علم بأنه غير عالم بالقيامة ، ولا يقنع ، إذا أصاب مرة أن يجرب في ثانية ، وثالثة ، لأنه قد يجوز أن يصيب في الأولة ، اتفاقا وفي الثانية ، ظنا وفي الثالثة يقينا ، فإذا وثق بعلمه عمل على قوله ولا يلزم أن يختبر ثانية بعد المعرفة بعلمه .

وأما علم الفقه فإن نزل به منزلة المخير لم يفتقر إلى علم الفقه وإن نزل منزلة الحاكم على ما سنذكره ، من الفرق بين حالتيه اعتبر فيه من علم الفقه ، ما اختص بلحوق الأنساب ولم يعتبر فيه العلم بجميع الفقه ، لأن اعتباره في القافة متعذرا . ولا يلزم أن يكون في بني مدلج ، ولا من العرب ، إذا تكاملت فيه شروط القيافة ، ووهم بعض أصحابنا ، فقال : لا يصح أن يكون إلا من بني مدلج ، لاختصاصهم بعلم القيافة طبعا في خلقهم ، وهذا لا وجه له لأن مقصود القيافة قد يجوز أن يعدم في بني مدلج ، ويوجد في غير بني مدلج ، وإن كان الأغلب وجوده في بني مدلج .

( فصل )

: وأما الفصل الثاني في صفة القيافة ، فالمعتبر فيها التشابه من أربعة أوجه :

أحدها : تخطيط الأعضاء وأشكال الصورة .

والثاني : في الألوان والشعور .

والثالث : في الحركات والأفعال .

والرابع : في الكلام ، والصوت ، والحدة ، والأناة ، ولئن جاز أن تختلف هذه الأربعة في الآباء والأبناء في الظاهر الجلي ، فلا بد أن يكون بينهما ، في الباطن تشابه خفي ، ولئن لم يكن في جميعها لغلبة التشابه بالأمهات ، فلا بد أن يكون في بعضها لأن المولود من أبيض ، وأسود ، لا يكون أبيض محضا ، ولا أسود محضا فيكون فيه من البياض ، ما يقارب الأبيض ، ومن السواد ما يقارب بالسواد .

وإذا كان كذلك لم يخل حال الولد مع المتنازعين فيه من ثلاثة أقسام :

أحدها : أن يكون فيه شبه من أحدهما ، وليس فيه شبه من الآخر ، فيلحق بمن فيه شبهه ، وينفي عمن ليس فيه شبهه ، وسواء كان الشبه بينهما من جميع الوجوه ، أو من بعضها ظاهرا كان أو خفيا .