الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص382
الله لولا الأيمان ، لكان لي ولها شأن ‘ . فدل على أن حكم الله يمنع من اعتبار الشبه .
قالوا : ولو كانت القيافة علما لعم في الناس ، ولم يختص بقوم ولامكن أن يتعاطاه كل من أراد كسائر العلوم فلما لم يعم ولم يمكن أن يتعلم بطل أن يكون علما يتعلق به حكم ، ولأنه لما لم يعمل بالقيافة في إلحاق البهائم كان أولى أن لا يعمل بها في إلحاق الأنساب ، واستدلوا على جواز إلحاق الولد بآبائه لعموم قول النبي ( ص ) : ‘ الولد للفراش وللعاهر الحجر ‘ . فلما لم يمتنع الاشتراك في الفراش لم يمتنع الاشتراك في الإلحاق ، وبما روي من قضية عمر بن الخطاب رضي الله عنه : ‘ اختصما في رجلين إليه وقد وطئا امرأة في طهر واحد فأتت بولد فدعا بالقائف وسأله فقال : قد أخذ الشبه منهما يا أمير المؤمنين ، فضربه عمر بالدرة ، حتى أضجعه ثم حكم بأنه ابنهما يرثهما ، ويرثانه ، وهو للباقي منهما . فلم يظهر له في الحكم بهما فخالف مع اشتهار القضية ، فصار كالإجماع .
قالوا : ولأنهما قد اشتركا في السبب الموجب لثبوت النسب ، فوجب أن يكون لاحقا بهما كأبوين .
قالوا : ولأن أسباب التوارث لا يمنع الاشتراك فيها كالولاء ، واستدلوا على جواز خلقه من ماء رجال بأنه لما خلق الولد من ماء الرجل الواحد ، إذا امتزج بماء المرأة في الرحم كان أولى أن يخلق من ماء الجماعة ، إذا امتزج ماؤهم بمائها ، لأنه بالاجتماع أقوى وبالانفراد أضعف ، والقوة أشبه بعلوق الولد من الضعف .
قالوا : ولأنه إذا جاز أن يخلق من اجتماع ماء الرجل الواحد من إنزال بعد إنزال ، جاز أن يخلق من اجتماع ماء الجماعة من وطىء بعد وطىء ، لأن اجتماع المياه من الجماعة كاجتماعها من الواحد .
وروى ابن جريج عن الزهري : تبرق سرائر وجهه ، فقال : ألم ترى أن مجززا المدلجي نظر إلى أسامة وزيد ، عليهما قطيفة ، قد غطيا رؤوسهما وبدت أقدامهما فقال : إن هذه الأقدام بعضها من بعض . ففيه دليلان :
أحدهما : أن المشركين كانوا يطعنون في نسب أسامة بن زيد بن حارثة ، لأن زيدا كان قصيرا عريض الأكتاف أخنس أبيض اللون ، وكان أسامة مديد القامة أقنى أسود