الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص375
ووافق أبو حنيفة عليهما . وإن شهدت بينة الثاني ، أنه ابتاعها من الأول ، ولم يشهدوا أنها كانت ملكا للأول ولا في يده . قال أبو حنيفة : لا تنتزع من الأول ، ولا تسلم إلى الثاني لأن البيع متردد ، بين أن يكون قد باع ما في ملكه ، أو ما في يده فيصح وبين أن يبيع ما ليس في ملكه ، ولا يده فيبطل .
فلم يجز أن يحكم بصحة البيع ، ورفع يد الأول ، بمجور متردد بين الصحة والفساد ، وعند الشافعي أن يد الأول ترفع وتسلم الدار إلى الثاني ابتياعا من الأول ، لأن البيع في حقه صحيح إن ملك ، ولا يقضي بها ملكه للثاني ، وإن قضى له بابتياعها من الأول ، فكان له فيها يد إن نوزع فيها ، ترجح بيد لا بدفع بينة المنازع .
قال الماوردي : وصورتها في دار في أيدي ثلاثة تداعوها ، فادعى أحدهم نصفها ملكا ، وباقيها يدا بإجارة من مالك غائب ، أو عارية ، أو وديعة ، وأنه لا ملك فيها لهذين ولا يد حق ، وادعى الثاني ثلثها ملكا وباقيها يدا بإجارة ، أو عارية ، أو وديعة لغائب ، وانه لا ملك فيها لهذين ولا يد لحق .
وادعى الثالث سدسها ملكا وباقيها يدا بإجارة ، أو عارية ، أو وديعة لغائب ، وانه لا حق فيها لهذين ، ولا يد بحق ، وأنها كانت متأولة على هذه الصورة بما أشار إليه الشافعي من قوله ‘ وجحد بعضهم بعضا ‘ ، لأن كل واحد منهم لو لم يدع الباقي يدا لما كان بينهم تجاحد ، ولكانوا متفقين على ما ادعوه ملكا ، ولكان لصاحب النصف النصف ، وإن كان أكثرهم مما بيده ، لأنه ليس في هذين الحاضرين من يدعيه ملكا ،